فكان في حكم التابع له والمطيع. وعن مجاهد : أنّ الملك أسلم على يده.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم بن هاشم قال : «لمّا مات العزيز وذلك في سنيّ الجدبة افتقرت امرأة العزيز واحتاجت حتّى سألت الناس. فقالوا لها : ما يضرّك لو قعدت للعزيز؟ وكان يوسف يسمّى العزيز ، وكلّ ملك كان لهم سمّوه بهذا الاسم.
فقالت : استحي منه. فلمّا كثر اضطرارها وعجزها قعدت له. فأقبل يوسف في موكبه فقامت إليه زليخا ، وقالت : سبحان من جعل الملوك بالمعصية عبيدا ، وجعل العبيد بالطاعة ملوكا. فقال لها يوسف : أأنت تيك؟ قالت : نعم. فقال لها : هل لك فيّ؟ قالت : دعني أتهزأ بي؟ قال : لا. قالت : نعم. فأمر بها فحوّلت إلى منزله ، وكانت هرمة. فقال لها يوسف : ألست فعلت بي كذا وكذا؟ قالت : يا نبيّ الله لا تلمني ، فإنّي بليت ببليّة لم يبتل بها أحد. قال : وما هي؟ قالت : بليت بحبّك ، وبليت بزوج عنّين. فقال لها يوسف : فما حاجتك؟ قالت : تسأل الله أن يردّ عليّ شبابي.
فسأل الله فردّ عليها ، فتزوّجها وهي بكر شابّة» (١).
روي عن ابن عبّاس عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «رحم الله أخي يوسف لو لم يقل : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) لولّاه من ساعته ، ولكنّه أخّر ذلك سنة».
قال ابن عبّاس : فأقام في بيت الملك سنة ، فلمّا انصرمت السنة من يوم سأل الإمارة ، دعاه الأمير فتوّجه وختّمه بخاتمه وأعطاه سيفه ، وأمر بأن يوضع له سرير من ذهب مكلّل بالدرّ والياقوت ، ويضرب عليه كلّة (٢) من إستبرق ، ثمّ أمره أن يخرج متوّجا ، لونه كالثلج ، ووجهه كالقمر ، يرى الناظر وجهه في صفاء لون وجهه.
فانطلق حتّى جلس على السرير ، ودانت له الملوك ، فعدل بين الناس ، وأحبّه الرجال والنساء. وذلك قوله عزّ اسمه : (وَكَذلِكَ) مثل ذلك الإنعام الّذي أنعمنا على
__________________
(١) تفسير عليّ بن إبراهيم ١ : ٣٥٧.
(٢) الكلّة : ستر رقيق يخاط كالبيت يتوقّى به من البعوض.