عليه ، من البثّ بمعنى النشر (وَحُزْنِي) وشدّة غمّي (إِلَى اللهِ) لا إلى أحد منكم ومن غيركم ، فخلّوني وشكايتي (وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ) من صنعه ورحمته ، وأنّه لا يخيب داعيه ، ولا يدع الملتجئ إليه. أو وأعلم من الله بنوع من الإلهام. (ما لا تَعْلَمُونَ) من حياة يوسف.
وقيل : إنّه أوحي إلى يعقوب : إنّما وجدت عليكم لأنّكم ذبحتم شاة فقام ببابكم مسكين فلم تطعموه ، وإن أحبّ خلقي إليّ الأنبياء ثم المساكين ، فاصنع طعاما وادع عليه المساكين لأرجع إليك يوسف ، فصنع ذلك. ولهذا قال : (وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ).
وقيل : رأى ملك الموت في المنام فسأله عن يوسف ، فقال : هو حيّ.
وفي كتاب النبوّة بالإسناد عن سدير الصيرفي عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ يعقوب دعا الله سبحانه في أن يهبط عليه ملك الموت ، فأجابه. فقال : ما حاجتك؟
قال : أخبرني هل مرّ بك روح يوسف في الأرواح؟ فقال : لا. فعلم أنّه حيّ.
وقيل : علم من رؤيا يوسف أنّه لا يموت حتّى يخرّ له إخوته سجّدا ، ولذلك قال : (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا) أي : فتجسّسوا وتفحّصوا (مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ) فتعرّفوا منهما. والتحسّس تطلّب الإحساس ، وهو المعرفة. وكذا بالجيم. (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) ولا تقنطوا من فرجه وتنفيسه. وقيل : من رحمته. (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) بالله تعالى وصفاته ، فإنّ المؤمن لا يقنط من رحمته في شيء من الأحوال عند البلاء.
قال الجبائي : العلّة في خفاء أخبار يوسف على يعقوب في المدّة الطويلة مع قرب المسافة ، وعدم إخبار يوسف حاله له ، أنّه حمل إلى مصر فبيع من عزيز فألزمه داره ، ثمّ لبث في السجن بضع سنين ، فانقطعت أخبار الناس عنه ، فلمّا تمكّن احتال في إيصال خبره بأبيه على الوجه الّذي أمكنه ، وكان لا يأمن لو بعث