فصلت العير من مصر وهو بفلسطين ، من مسيرة عشرة ليال».
وعن ابن عبّاس : مسيرة ثمان ليال. وعنه أيضا أنّ ريحا هاجت فحملت ريح يوسف من قميصه.
وذكر أنّ الصبا استأذنت ربّها أن تأتي يعقوب بريح يوسف قبل أن يأتيه البشير بالقميص ، فأذن لها ، فأتته بها ، ولذلك يتروّح كلّ محزون بريح الصبا.
فلمّا وصلت الريح إلى يعقوب قال : إنّي لأجد ريح يوسف (لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) لو لا أن تنسبوني إلى الفند. وهو نقصان عقل يحدث من هرم ، ولذلك لا يقال : عجوز مفنّدة ، لأنّ نقصان عقلها ذاتيّ. وجواب «لولا» محذوف ، تقديره : لصدّقتموني ، أو لقلت : إنّه قريب.
(قالُوا) أي : الحاضرون (تَاللهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) لفي ذهابك عن الصواب قدما ، بإفراط محبّتك ليوسف ، وإكثار ذكره ، وتوقّعك للقائه ، وكان عندهم أنّه قد مات.
(فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) يهوذا (أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) عاد بصيرا لما انتعش فيه من القوّة (قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) من حياة يوسف وإنزال الفرج. وقيل : «إني أعلم» كلام مبتدأ ، والمقول (لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ) ، أو (إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ).
روي : أنّه سأل البشير كيف يوسف؟ قال : هو ملك مصر. قال : ما أصنع بالملك؟! على أيّ دين تركته؟ قال : على دين الإسلام. قال : الآن تمّت النعمة.
ولمّا اجتمع الإخوة عند أبيهم (قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) ومن حقّ المعترف بذنبه أن يصفح عنه ويسأل له المغفرة.
(قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) أخّره إلى السحر ، أو إلى صلاة الليل ، أو إلى ليلة الجمعة ، تحرّيا لوقت الإجابة ، أو ليتعرّف حالهم في صدق التوبة وإخلاصها ، أو إلى أن يستحلّ لهم يوسف ، أو يعلم أنّه عفا عنهم ، فإنّ