الله ونقمة الله ما رقأ (١) لهم دمع ، ولا قرّت أعينهم بشيء.
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) لعدم اعتدادهم بالآيات المنزلة عليه ، واقتراحهم لنحو ما أوتي موسى وعيسى عليهماالسلام ، من نحو تفجير العيون ، وإحياء الموتى ، وجعل الصفا ذهبا ، وغير ذلك.
ولا يخفى على من له أدنى مسكة أنّ الآيات متساوية في حصول صحّة الدعوى بها ، فلذا خاطبه الله سبحانه بقوله : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ) مرسل للإنذار من سوء العاقبة كغيرك من الرسل ، وما عليك إلا الإتيان بما يصحّ به أنّك رسول منذر ، من جنس المعجزات ، لا بما يقترح عليك.
(وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) عطف على «منذر» أي : إنّما أنت لكلّ قوم هاد ، لأنّك مبعوث إلى الناس جميعا إلى يوم القيامة. أو يكون «هاد» مبتدأ و «لكلّ قوم» خبره.
ومعناه : لكلّ أمّة من الأمم نبيّ مخصوص بمعجزات من جنس ما هو الغالب عليهم ، يهديهم إلى الحقّ ، ويدعوهم إلى الصواب ، ولم يجعل الله الأنبياء شرعا سواء في الآيات والمعجزات. أو قادر على هدايتهم ، وهو الله.
وقرأ ابن كثير : هاد ، ووال (٢) ، وواق (٣) ، (وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ) (٤) بالتنوين في الوصل ، وإذا وقف وقف بالياء في هذه الأربعة الأحرف حيث وقعت لا غير.
والباقون يصلون بالتنوين ، ويقفون بغير ياء.
عن ابن عبّاس قال : لمّا نزلت هذه الآية قال رسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا المنذر ، وعليّ الهادي من بعدي ، يا عليّ بك يهتدي المهتدون».
وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني في كتاب شواهد التنزيل بالإسناد عن
__________________
(١) رقأ الدمع : جفّ وانقطع. (٢ ، ٣) الرعد : ١١ و ٣٤.
(٤) النحل : ٩٦.