سريع الزوال.
(وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ) اقترحناها (مِنْ رَبِّهِ) لمّا جحدوا آياته الكثيرة الّتي لم يؤتها نبيّ قبله ، ومن أعظمها القرآن الّذي يعجزون عن الإتيان بمثله مع أنّهم أبلغ بلغاء زمانهم ، ولم يعتدّوا بها عنادا وإنكارا ولجاجا ، فجعلوها كأنّها لم تنزل عليه قطّ ، وقالوا ذلك تعجّبا واستنكارا.
(قُلْ إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ) خذلانا وتخلية ، باقتراح الآيات بعد ظهور المعجزات (وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ) أقبل إلى الحقّ ورجع عن العناد. وهذا جواب يجري مجرى التعجّب من قولهم ، كأنّه قال : قل لهم ما أعظم عنادكم! إنّ الله يضلّ من يشاء ممّن كان على صفتكم ، فلا سبيل إلى اهتدائكم وإن أنزلت كلّ آية ، ويهدي إليه من أناب بما جئت به من الآيات.
(الَّذِينَ آمَنُوا) بدل من «من» ، أو خبر مبتدأ محذوف ، أي : هم الّذين آمنوا (وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ) أنسا به ، واعتمادا عليه ، ورجاء منه. أو بذكر رحمته بعد القلق من خشيته ، كقوله : (ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) (١). أو بذكر دلائله الدالّة على وجوده ووحدانيّته. أو بكلامه ، يعني : القرآن الّذي هو أقوى المعجزات (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) تسكن إليه.
وهذا حثّ للعباد على تسكين القلب إلى ما وعد الله به من النعيم والثواب ، والطمأنينة إليه ، فإنّ وعده سبحانه صادق ، ولا شيء تطمئنّ النفس إليه أبلغ من الوعد الصادق.
(الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بدل من (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ). أو مبتدأ خبره (طُوبى لَهُمْ) هو فعلى من الطيب ، قلبت ياؤه واوا ، لضمّة ما قبلها. مصدر لـ «طاب» ، كبشرى وزلفى. ومعنى «طوبى لك» : أصبت خيرا وطيبا.
__________________
(١) الزمر : ٢٣.