لنا به الريح لنركبها ونتّجر إلى الشام ، أو ابعث لنا به قصيّ بن كلاب وغيره من آبائنا ليكلّمونا في صدقك ، فنزلت. وعلى هذا فتقطيع الأرض قطعها بالسير.
وقيل : الجواب مقدّم ، وهو قوله : (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) ، وما بينهما اعتراض.
ثمّ أضرب عمّا تضمّنته «لو» من معنى النفي ، فقال : (بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) بل لله القدرة على كلّ شيء ، فإنّه قادر على الإتيان بما اقترحوه من الآيات ، لكنّ الإرادة لم تتعلّق بذلك ، لعلمه بأنّه لا تلين له شكيمتهم ، ولا يزول رسوخ عنادهم وشدّة كفرهم. أو قادر على أن يلجئهم إلى الايمان ، ولكن بناء أمر التكليف على الاختيار ، فلم يلجئهم. ولذلك قال : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) أفلم يقنطوا عن إيمانهم مع ما رأوا من أحوالهم.
وذهب أكثرهم إلى أنّ معناه : أفلم يعلم؟ لما روي أنّ عليّا عليهالسلام وابن عبّاس وجماعة من الصحابة والتابعين قرءوا : أفلم يتبيّن.
وهو تفسيره وإنّما استعمل اليأس بمعنى العلم ، لأنّه مسبّب عن العلم ، فإنّ اليائس عن الشيء عالم بأنّه لا يكون ، كما استعمل الرجاء بمعنى الخوف لذلك.
وعلى هذا قوله : (أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً) متعلّق بـ «ييأس» ، أي : أفلم يعلم المؤمنون أن لو يشاء الله مشيئة جبر وقسر لهداهم؟ وعلى الأوّل متعلّق بمحذوف تقديره : أفلم ييأس الّذين آمنوا عن إيمانهم ، علما منهم أن لو يشاء الله مشيئة جبر لهداهم جميعا. ويجوز أن يكون المعنى : لو أراد أن يهدي الخلق كلّهم إلى جنّته لهداهم ، لكنّه كلّفهم لينالوا الثواب بطاعاتهم على وجه الاستحقاق.
(وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا) من الكفر وسوء الأعمال (قارِعَةٌ) داهية تقرعهم وتقلقلهم ، من صنوف المصائب في نفوسهم وأموالهم (أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) ، فيفزعون منها ، ويتطاير إليهم شررها.
وقيل : الآية في كفّار مكّة ، فإنّهم لا يزالون مصابين بما صنعوا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّه كان لا يزال يبعث السرايا فينزلون حواليهم ، ويختطفون مواشيهم.