(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ) من كلام موسى ، أو كلام مبتدأ من الله خطابا لأمّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم (وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللهُ) جملة وقعت اعتراضا. أو (الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ) في محلّ الجرّ عطفا على قوم نوح ، و «لا يعلمهم» اعتراض. والمعنى : أنّهم لكثرتهم لا يعلم عددهم إلّا الله تعالى. ولذلك قال ابن مسعود حين قرأ هذه الآية : كذب النسّابون.
وقيل : إنّ بين عدنان وإسماعيل ثلاثين أبا لا يعرفون. وقيل : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان لا يجاوز في انتسابه معد بن عدنان.
(جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) فعضّوا على أصابع أيديهم من شدّة الغيظ والضجر ممّا جاءت به الرسل ، كقوله : (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ) (١). أو وضعوها عليها تعجّبا منه ، أو استهزاء عليه ، كمن غلبه الضحك ، أو إسكاتا للأنبياء وأمرا لهم بإطباق الأفواه ، أي : اسكتوا عمّا تدعوننا إليه. أو أشاروا بها إلى ألسنتهم وما نطقت به ، من قولهم : إنّا كفرنا ، تنبيها على أن لا جواب لهم سواه ، أوردوها في أفواه الأنبياء عليهمالسلام يمنعونهم من التكلّم.
وقيل : الأيدي بمعنى الأيادي ، أي : ردّوا أيادي الأنبياء الّتي هي أجلّ النعم ، وهي مواعظهم وما أوحي إليهم من الحكم والشرائع في أفواههم ، لأنّهم إذا كذّبوها ولم يقبلوها فكأنّهم ردّوها إلى أفواههم ، ورجعوها إلى حيث جاءت منه ، على طريق المثل.
(وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ) على زعمكم (وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ) من الإيمان (مُرِيبٍ) موقع في الريبة ، أو ذي ريبة. وهي قلق النفس بحيث لا تطمئنّ إلى شيء.
__________________
(١) آل عمران : ١١٩.