تاب ، وعذابه لمن لم يتب.
وعطف قوله : (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) على «نبئ عبادي» ليتّخذوا ما أحلّ من العذاب بقوم لوط عبرة يعتبرون بها ، ويعلموا أنّ رحمة الله على المتّقين ، وسخط الله وانتقامه من المجرمين ، فيتحقّقوا عنده أنّه هو الغفور الرحيم ، وأنّ عذابه هو العذاب الأليم. وضيف إبراهيم كانوا أحد عشر ملكا في صورة أمارد.
(إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً) أي : نسلّم عليك سلاما ، أو سلّمنا عليك سلاما (قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) خائفون. وذلك لأنّهم دخلوا بغير إذن وبغير وقت ، أو لأنّهم امتنعوا من الأكل. والوجل اضطراب النفس لتوقّع مكروه.
(قالُوا لا تَوْجَلْ) لا تخف (إِنَّا نُبَشِّرُكَ) استئناف في معنى التعليل للنهي عن الوجل. أرادوا : أنّك بمثابة الآمن المبشّر ، فلا توجل ، فإنّ المبشّر لا يخاف منه.
وقرأ حمزة : نبشرك ، من البشر. (بِغُلامٍ) هو إسحاق ، لقوله : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ) (١) (عَلِيمٍ) إذا بلغ.
(قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي) بالمولود (عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ) تعجّب من أن يولد له مع مسّ الكبر إيّاه ، أو إنكار لأن يبشّر به في مثل هذه الحالة. وكذلك قوله : (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) «ما» استفهاميّة دخلها معنى التعجّب ، كأنّه قال : فبأيّ أعجوبة تبشّرون؟! أو أراد : أنّكم تبشّرونني بما هو غير متصوّر في العادة ، فبأيّ شيء تبشّرونني؟! فإنّ البشارة بما لا يتصوّر وقوعه عادة بشارة بغير شيء.
وقرأ ابن كثير بكسر النون مشدّدة في كلّ القرآن ، على إدغام نون الجمع في نون الوقاية وكسرها.
(قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِ) بما يكون لا محالة ، أو باليقين الّذي لا لبس فيه ، أو بطريقة هي حقّ ، وهو قول الله وأمره (فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ) من الآيسين من ذلك ،
__________________
(١) الصافّات : ١١٢.