بنزول من هو في صورة أضياف لوط ، طمعا فيهم.
(قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ) بفضيحة ضيفي ، فإنّ من اسيء إلى ضيفه فقد أسيء إليه.
(وَاتَّقُوا اللهَ) في ركوب الفاحشة (وَلا تُخْزُونِ) ولا تذلّوني بإذلال ضيفي ، من الخزي وهو الهوان. أو لا تخجلوني فيهم ، من الخزاية وهو الحياء.
(قالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ) عن أن تجير منهم أحدا ، أو تضيفه ، أو تمنع بيننا وبينهم ، فإنّهم كانوا يتعرّضون لكلّ أحد ، وكان لوط يمنعهم عنه بقدر وسعه ، أو عن ضيافة الناس وإنزالهم.
(قالَ هؤُلاءِ بَناتِي) فانكحوهنّ ، فلا تتعرّضوا لهم ، يعني : نساء القوم ، فإنّ نبيّ كلّ أمّة بمنزلة أبيهم. وفيه وجوه ذكرت في سورة هود (١). (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) قضاء الوطر ، أو ما أقول لكم. فهذا شكّ في قبولهم لقوله.
(لَعَمْرُكَ) قسم بحياة المخاطب ، وهو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال ابن عبّاس : ما خلق الله عزوجل ولا ذرأ ولا برأ نفسا أكرم عليه من محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد إلّا بحياته ، فقال : لعمرك. وقيل : قسم بحياة لوط ، قالت الملائكة له ذلك.
والأصحّ الأوّل. والتقدير : بحياتك ومدّة بقائك قسمي. والعمر والعمر واحد ، إلّا أنّهم خصّوا القسم بالمفتوح ، لإيثار الأخفّ فيه ، لأنّه كثير الدوران على ألسنتهم ، ولذلك حذفوا الخبر ، وهو قسمي.
(إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ) لفي غوايتهم ، أو شدّة غلمتهم (٢) الّتي أزالت عقولهم وتمييزهم بين الخطأ الّذي هم عليه ، وبين الصواب الّذي يشار به إليهم ، من ترك البنين إلى البنات (يَعْمَهُونَ) يتحيّرون. فكيف يسمعون نصحك؟! وقيل : الضمير لقريش ، والجملة معترضة.
__________________
(١) راجع ص ٣٠٠ ذيل الآية ٧٨ من سورة هود.
(٢) الغلمة : اشتداد الشهوة واهتياجها.