تَثْقَفَنَّهُمْ) فإمّا تصادفنّهم وتظفرنّ بهم (فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ) ففرّق عن محاربتك ومناصبتك بقتلهم والنكاية فيهم (مَنْ خَلْفَهُمْ) من وراءهم من الكفرة. والتشريد تفريق على اضطراب. (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) لعلّ المشرّدين يتّعظون ، فلا يجسر عليك بعدهم أحد ، اعتبارا بهم ، واتّعاظا بحالهم.
(وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ) معاهدين (خِيانَةً) نقض عهد بأمارات تلوح لك (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ) فاطرح إليهم عهدهم (عَلى سَواءٍ) على طريق مقتصد مستو في العداوة ، وذلك بأن تخبرهم بنبذ العهد إخبارا ظاهرا مبيّنا لهم أنّك قطعت ما بينك وبينهم ، ولا تبدأهم بالقتال وهم على توهّم بقاء العهد ، فيكون ذلك خيانة منك. أو على سواء في الخوف ، أو العلم بنقض العهد. وهو في موضع الحال من النابذ على الوجه الأوّل ، أي : ثابتا على طريق سويّ ، أو من المنبوذ إليهم ، أو منهما على غيره ، أي : حاصلين على استواء في الخوف أو العلم.
وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ) تعليل للأمر بالنبذ ، والنهي عن مناجزة القتال المدلول عليه بالحال ، على طريقة الاستئناف. والمعنى : فلا تخنهم ، بأن تناجزهم القتال من غير إعلامهم بالنبذ.
قال الواقدي : هذه الآية نزلت في بني قينقاع ، وبهذه الآية سار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إليهم.
(وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ (٥٩) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٦٠) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّهُ