متفيّئة؟! وقرأ حمزة والكسائي : تروا بالتاء ، وأبو عمرو : تتفيّؤا بالتاء. (عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ) عن أيمانها وشمائلها ، أي : عن جانبي كلّ واحد منها وشقّيه ، استعارة من يمين الإنسان وشماله. ولعلّ توحيد اليمين وجمع الشمائل باعتبار اللفظ والمعنى ، فإنّ «من شيء» في معنى : ما خلق الله من كلّ شيء ، فيكون جمعا معنى ، كتوحيد الضمير في «ظلاله» وجمعه في قوله : (سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ) وهما حالان من الضمير في «ظلاله».
والمراد من السجود الاستسلام ، سواء كان بالطبع أو الاختيار. يقال : سجدت النخلة إذا مالت لكثرة الحمل ، وسجد البعير إذا طأطأ رأسه ليركب.
ويحتمل أن يكون «سجّدا» حالا من الظلال ، و «هم داخرون» حالا من الضمير في «ضلاله» ، لأنّه بمعنى الجمع كما عرفت آنفا. والمعنى : يرجع الظلال بارتفاع الشمس وانحدارها ، أو باختلاف مشارقها ومغاربها ، بتقدير الله تعالى من جانب إلى جانب ، منقادة لما قدّر لها من التفيّؤ ، أو واقعة على الأرض ملتصقة بها على هيئة الساجد ، والأجرام في أنفسها أيضا داخرة ، أي : صاغرة منقادة لأفعال الله فيها. وجمع «داخرون» بالواو لأنّ من جملتها من يعقل فغلّب ، أو لأنّ الدخور من أوصاف العقلاء.
وقيل : المراد باليمين والشمائل يمين الفلك ، وهو جانبه الشرقي ، لأنّ الكواكب تظهر منه آخذة في الارتفاع والسطوع ، وشماله وهو الجانب الغربي المقابل له ، فإنّ الظلال في أوّل النهار تبتدئ من المشرق واقعة على الربع الغربي من الأرض ، وعند الزوال تبتدئ من المغرب واقعة على الربع الشرقي من الأرض ، جلّت قدرته وعظمته.
وعن الكلبي : معنى تفيّؤ الظلال يمينا وشمالا : أنّ الشمس إذا طلعت وأنت متوجّه إلى القبلة كان الظلّ قدّامك ، وإذا ارتفعت كان عن يمينك ، فإذا كان بعد ذلك