لهم يكون سببا للإخبار بأنّها من الله لا لحصولها منه.
(ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ) من المرض وسائر الشدائد (فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ) فما تتضرّعون إلّا إليه. والجؤار رفع الصوت في الدعاء والاستغاثة.
(ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) وهم كفّاركم.
(لِيَكْفُرُوا) بعبادة غيره. هذا إذا كان الخطاب في قوله : «وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ... إلخ» عامّا. فإن كان خاصّا بالمشركين كان «من» للبيان ، كأنّه قال : وإذا فريق منهم وهم أنتم. ويحتمل أن يكون للتبعيض ، على أن يعتبر بعضهم الّذي كان أشدّ عنادا منهم ، كقوله : (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) (١).
(بِما آتَيْناهُمْ) من نعمة الكشف عنهم ، كأنّهم قصدوا بكفرهم كفران النعمة أو إنكار كونها من الله. واللام للعلّة ، أي : جعلوا غرضهم من الشرك كفران النعمة.
ويجوز أن يكون للأمر تخلية وخذلانا ، كقوله : (فَتَمَتَّعُوا) فإنّه أمر تهديد (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ما يحلّ بكم في العاقبة من العقاب وأليم العذاب. حذف المفعول لدلالة الكلام عليه ، وهذا أغلظ وعيد.
(وَيَجْعَلُونَ لِما لا يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ (٥٧) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ ما
__________________
(١) لقمان : ٣٢.