توثيقها بذكر الله. ومنه : أكّد ، بقلب الواو همزة. (وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً) شاهدا بتلك البيعة ، فإنّ الكفيل مراع لحال المكفول به ، رقيب عليه (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ) من نقض الأيمان والعهود والوفاء.
(وَلا تَكُونُوا) في نقض الأيمان (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها) ما غزلته ، مصدر بمعنى المفعول (مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ) متعلّق بـ «نقضت» أي : نقضت غزلها من بعد إبرام وإحكام (أَنْكاثاً) طاقات نكث فتلها ، جمع نكث. وانتصابه على الحال من «غزلها» ، أو المفعول الثاني لـ «نقضت» ، فإنّه بمعنى : صيّرت. والمراد به تشبيه الناقض بمن هذا شأنه ، وهو من ينكث فتله.
قيل : هي ريطة بنت سعد بن تيم القرشيّة ، فإنّها كانت حمقاء خرقاء (١) ، اتّخذت مغزلا قدر ذراع ، وصنّارة (٢) مثل أصبع ، وفلكة عظيمة على قدرها ، فكانت تغزل مع جواريها إلى انتصاف النهار ، ثمّ تأمرهنّ فينقضن ما غزلن.
(تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) حال من الضمير في «ولا تكونوا» ، أو من الجارّ الواقع موقع الخبر ، أي : ولا تكونوا متشبّهين بامرأة هذا شأنها ، متّخذي أيمانكم دخلا ، أي : مفسدة وخيانة وغدرا بينكم. وأصل الدخل ما يدخل الشيء ولم يكن منه.
(أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ) لأجل أن تكونوا ، أو بسبب أن تكونوا جماعة (هِيَ أَرْبى) أي : أزيد عددا وأوفر مالا (مِنْ أُمَّةٍ) من جماعة حلفتم له. والمعنى : لا تغدروا بقوم لكثرتكم وقلّتهم ، أو لكثرة منابذتهم وقوّتهم كقريش ، فإنّهم كانوا إذا رأوا شوكة في أعادي حلفائهم نقضوا عهدهم ، وحالفوا أعداءهم.
(إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ) الضمير لـ (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ) لأنّه بمعنى المصدر ، أي :
__________________
(١) مؤنّث الأخرق ، وهو الأحمق الذي لم يحسن عمله.
(٢) الصفّارة : الحديدة المعقّفة في رأس المغزل. ومنها الصنّارة التي تستعملها النساء لحياكة قمصان الصوف وغيرها.