وأبواه ـ ياسر وسميّة ـ وصهيب ، وبلال ، وخباب ، وسالم ، عذّبوا. فأمّا سميّة فقد ربطوها بين بعيرين ووجئ (١) بحربة في قبلها ، وقالوا : إنّك أسلمت من أجل الرجال ، فقتلت. وقتلوا ياسرا. وهما أوّل قتيلين في الإسلام. وأمّا عمّار فقد أعطاهم بلسانه ما أرادوا مكرها. فقيل : يا رسول الله إنّ عمّارا كفر. فقال : كلّا ، إنّ عمّارا مليء إيمانا من قرنه إلى قدمه ، واختلط الايمان بلحمه ودمه. فأتى عمّار رسول الله وهو يبكي ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يمسح عينيه. وقال : مالك إن عادوا لك فعد لهم بما قلت.
وهو دليل على جواز التكلّم بالكفر للإكراه ، وإن كان الأفضل أن يتجنّب عنه إعزازا للدين ، كما فعله أبواه ، لما روي : أنّ مسيلمة أخذ رجلين فقال لأحدهما : ما تقول في محمّد؟ قال : رسول الله. قال : فما تقول فيّ؟ فقال : أنت أيضا. فخلّاه.
وقال للآخر : ما تقول في محمّد؟ قال : رسول الله. قال : فما تقول فيّ؟ قال : أنا أصمّ. فأعاد عليه ثلاثا ، فأعاد جوابه ، فقتله. فبلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أمّا الأوّل فقد أخذ برخصة الله. وأمّا الثاني فقد صدع بالحقّ ، فهنيئا له.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (١٠٧) أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (١٠٨) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخاسِرُونَ (١٠٩) ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٠) يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١١١))
__________________
(١) وجأ فلانا بالسكّين أو بيده : ضربه في أيّ موضع كان.