من المشركين ليفديهم أو يمنّ عليهم. وقرأ البصريّان بالتاء. (حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ) يكثر القتل ويبالغ فيه بإشاعته ، حتّى يذلّ الكفر ويقلّ حزبه ، ويعزّ الإسلام ويستولي أهله ، من : أثخنه المرض إذا أثقله. وأصله الثخانة.
(تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا) حطامها بأخذكم الفداء. سمّي عرضا لأنّه حدث قليل اللبث. والخطاب للمؤمنين الّذين رغبوا في أخذ الفداء من الأسرى. (وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) يريد لكم ثواب الآخرة ، أو سبب نيل ثواب الآخرة ، من إعزاز دينه وقمع أعدائه.
(وَاللهُ عَزِيزٌ) يغلّب أولياءه على أعدائه (حَكِيمٌ) يعلم ما يليق بكلّ حال ويخصّه بها ، ولهذا أمر بالإثخان ومنع عن الافتداء حين كانت الشوكة للمشركين ، وخيّر بينه وبين المنّ لمّا تحوّلت الحال وصارت الغلبة للمؤمنين.
(لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللهِ) أي : حكم فيه (سَبَقَ) في اللوح بإباحة الغنائم لكم ، ومن ذلك الفداء ، ورفع التعذيب عن أهل بدر ، أو عن قوم لم يصرّح لهم بالنهي عنه ، أو عن الخطأ في اجتهادهم لأنّهم نظروا في أنّ استبقاءهم ربّما كان سببا في إسلامهم وتوبتهم ، وأنّ فداءهم يتقوّى به المسلمون على الجهاد في سبيل الله ، وخفي عليهم أنّ قتلهم أعزّ للإسلام ، وأهيب لمن وراءهم ، وأفلّ لشوكتهم.
(لَمَسَّكُمْ) لنالكم (فِيما أَخَذْتُمْ) من الفداء (عَذابٌ عَظِيمٌ) قال ابن زيد : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد نزول هذه الآية : «لو نزل عذاب من السماء لما نجا منكم غير عمر وسعد بن معاذ».
وقيل : معناه : لولا كتاب من الله في القرآن أنّه لا يعذّبكم والنبيّ بين أظهركم ، حيث قال : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (١).
(فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ) من الفدية ، فإنّها من جملة الغنائم. وقيل : أمسكوا عن
__________________
(١) الأنفال : ٣٣.