قال : أخبرني به ربّي.
قال : فأشهد أنّك صادق ، لا إله إلّا الله وأنّك رسوله ، والله لم يطّلع عليه أحد إلّا الله ، ولقد دفعته إليها في سواد الليل ، ولقد كنت مرتابا في أمرك ، وإذ أخبرتني بذلك فزال ريبي وشكّي في نبوّتك.
فنزلت : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى) أي : أيديكم قابضة عليهم. وقرأ أبو عمرو : من الأسارى. والقراءة الأولى أولى ، لأنّ الأسير فعيل بمعنى المفعول ، وذلك يجمع على فعلى ، نحو جريح وجرحى. وقيل : وجه القراءة الثانية تشبيهه بكسالى ، كما شبّهوا كسلى بأسرى.
(إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً) خلوص عقيدة وصحّة نيّة في الإيمان (يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ) من الفداء إمّا بأن يخلفكم في الدنيا أضعافه ، أو يثيبكم في الآخرة. قال العبّاس : فأبدلني الله خيرا من ذلك ، لي الآن عشرون عبدا ، إن أدناهم ليضرب ـ أي : ليسافر ـ في عشرين ألفا ، وأعطاني زمزم ما أحبّ أن لي بها جميع أموال أهل مكّة ، وأنا أنتظر المغفرة من ربّكم ، يعني : الموعود بقوله : (وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
وروي أنّه قدم على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مال البحرين ثمانون ألفا ، فتوضّأ لصلاة الظهر ، وما صلّى حتّى فرّقه ، وأمر العبّاس أن يأخذ منه ، فأخذ ما قدر على حمله ، وكان يقول : هذا خير ممّا أخذ منّي ، وأرجو المغفرة.
(وَإِنْ يُرِيدُوا) يعني : الأسرى (خِيانَتَكَ) نقض ما عاهدوك من الإسلام (فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ) بأن خرجوا إلى بدر وقاتلوا مع المشركين ، أو بأن نقضوا الميثاق المأخوذ بالعقل (فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ) أي : فأمكنك منهم كما فعل يوم بدر ، وسيمكّنك منهم ثانيا إن خانوك (وَاللهُ عَلِيمٌ) بما يقولونه ، وبما في نفوسكم ، وبجميع الأشياء (حَكِيمٌ) فيما يفعله.