الظرف ، كقوله : (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) (١). وهذا ناسخ لكلّ آية وردت في الصلح والإعراض عنهم.
(فَإِنْ تابُوا) من الشرك بالإيمان (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ) تصديقا لتوبتهم وإيمانهم. والمعنى : قبلوا إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، لأنّ عصمة الدم لا تقف على إقامة الصلاة وأداء الزكاة ، فثبت أنّ المراد به القبول. (فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ) فدعوهم ولا تتعرّضوا لهم بشيء من ذلك ، أو دعوهم يحجّوا ويدخلوا المسجد الحرام. وفيه دليل على أنّ تارك الصلاة ومانع الزكاة لا يخلّى سبيله (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) تعليل للأمر ، أي : فخلّوهم ، لأنّ الله غفور رحيم ، غفر لهم ما قد سلف من كفرهم وغدرهم ، ووعد لهم الثواب بالتوبة.
(وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) المأمور بالتعرّض لهم (اسْتَجارَكَ) استأمنك وطلب منك جوارك. و «أحد» رفع بفعل يفسّره ما بعده ، لا بالابتداء ، لأنّ «إن» من عوامل الفعل لا تدخل على غيره. فتقدير الكلام : وإن استجارك أحد (فَأَجِرْهُ) فأمّنه (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) ويتدبّره ، ويطّلع على حقيقة الأمر (ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) موضع أمنه بعد ذلك ـ يعني : داره الّتي يأمن فيها ـ إن لم يسلم ، ثمّ قاتله إن شئت من غير غدر ولا خيانة. وهذا الحكم ثابت في كلّ وقت. وعن الحسن : هي محكمة إلى يوم القيامة. وإنّما خصّ كلام الله لأنّ معظم الأدلّة فيه.
(ذلِكَ) الأمن أو الأمر بالاجارة (بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ) بسبب أنّهم قوم جهلة لا يعلمون ما الايمان ، وما حقيقة ما تدعوهم إليه؟ فلا بدّ من أمانهم ريثما يسمعون ويتدبّرون.
وعن سعيد بن جبير : «جاء رجل من المشركين إلى عليّ عليهالسلام فقال : إن أراد الرجل منّا أن يأتي محمّدا بعد انقضاء هذا الأجل يسمع كلام الله ، أو يأتيه لحاجة
__________________
(١) الأعراف : ١٦.