وحرّضوا غيرهم عليه.
وقيل : نزلت نهيا عن موالاة التسعة الّذين ارتدّوا ولحقوا بمكّة. والمعنى : لا تتّخذوهم أولياء يمنعونكم عن الإيمان ويصدّونكم عن الطاعة.
وقيل : نزلت في المهاجرين ، فإنّهم لمّا أمروا بالهجرة قالوا : إن هاجرنا قطعنا آباءنا وأبناءنا وعشائرنا ، وذهبت تجاراتنا ، وبقينا ضائعين.
وروي : أنّ من المهاجرين من تعلّقت به زوجته ، ومنهم من تعلّق به أبواه وأولاده ، فكانوا يمنعونهم من الهجرة ، فيتركونها لأجهلهم. فبهذه الآية بيّن سبحانه أنّ أمر الدين مقدّم على النسب ، وإذا وجب قطع قرابة الوالدين والولد فالأجنبيّ أولى. وبعد نزولها هاجروا ، فجعل الرجل يأتيه أبوه وابنه وأخوه أو بعض أقربائه فلا يلتفت إليه ولا ينزله ولا ينفق عليه ، وبعد ذلك رخّص لهم في الإنفاق.
ثمّ قال تأكيدا لهذا النهي بقوله : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ) فترك طاعة الله لأجلهم ، أو اطّلعهم على أسرار المسلمين (فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) بوضعهم الموالاة في غير محلّها. وفي الحديث : «لا يجد أحد طعم الإيمان حتّى يحبّ في الله ويبغض في الله ، وحتّى يحبّ في الله أبعد الناس ، ويبغض في الله أقرب الناس إليه».
(قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ) أقرباؤكم.
مأخوذ من العشرة. وقيل : من العشيرة ، فإنّ العشيرة جماعة ترجع إلى عقد كعقد العشرة. وقرأ أبو بكر : عشيراتكم. (وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها) اكتسبتموها واقتطعتموها وجمعتموها (وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها) تخافون أنّها تكسد إذا اشتغلتم بطاعة الله تعالى والجهاد (وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها) اخترتموها لأنفسكم ، ويعجبكم المقام فيها (أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) من طاعتهما (وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ) الحبّ الاختياري دون الطبيعي ، فإنّه لا يدخل تحت التكليف في التحفّظ عنه (فَتَرَبَّصُوا) فانتظروا (حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ) جواب الشرط متضمّن للوعيد. والأمر بمعنى العقوبة