وان لم يحدث بسببها إرادة أو كراهة في المبدأ الأعلى (١) ، إلّا أنه تعالى إذا أوحى بالحكم الشأني [الإنشائي] من قبل تلك المصلحة أو المفسدة إلى النبي أو ألهم به (٢) الولي فلا محالة ينقدح في نفسه الشريفة بسببهما (٣) الإرادة أو الكراهة (٤) الموجبة للإنشاء بعثاً أو زجراً ، بخلاف (٥).
______________________________________________________
(١) لعدم كونه تعالى محلا الحوادث.
(٢) أي : ألهم بالحكم الشأني ، والمراد بالشأني المعبر عنه بالإنشائي أيضا هو المرتبة الثانية من مراتب الحكم عند المصنف.
(٣) أي : بسبب المصلحة أو المفسدة.
(٤) حيث ان الإرادة ان كانت هي الشوق المؤكد كما قيل
عقيب داع دركنا الملائما |
|
شوقاً مؤكداً إرادة سما |
فهي ممتنعة في حقه تبارك وتعالى. وان كانت عبارة عن العلم بالنفع ، كما هو المنسوب إلى كثير من المعتزلة ، وظاهر عبارة المحقق الطوسي (قده) في التجريد في الكيفيات النفسانيّة حيث قال فيها : «وهما ـ أي الإرادة والكراهة ـ نوعان من العلم» فليست ممتنعة في الباري تعالى شأنه ، وظاهر عبارة المصنف (ره) هنا : أن الإرادة هو العلم بالنفع والصلاح ، والكراهة هو العلم بالضرر والفساد دون الشوق المؤكد ، ولذا نفي حدوثهما عن المبدأ الأعلى تعالى بقوله قبل أسطر : «وان لم يحدث بسببهما إرادة أو كراهة في المبدأ الأعلى» وأثبت العلم المذكور له تعالى بقوله فيما سيأتي : «وان لم يكن في المبدأ الأعلى إلّا العلم بالمصلحة أو المفسدة».
(٥) متعلق بقوله قبل أسطر : «حيث انه مع المصلحة والمفسدة» فكأنه قيل : «ان الإرادة والكراهة تحدثان في نفس النبي والولي عند وجود المصلحة