.................................................................................................
______________________________________________________
وحاصله : أن المتجري الّذي يخالف قطعه لا يستحق إلّا المذمة واللوم على المنكشف وهو سوء السريرة وخبث الباطن ، وأما نفس الفعل فلا يترتب عليه شيء أصلا. وهذا بخلاف ما عليه المصنف ، فانه (قده) وان التزم باستحقاق المذمة على سوء السريرة ولكن ذلك منوط بعدم العزم عليه ، وأما إذا عزم على مخالفة قطعه فيترتب عليه استحقاق العقوبة ، لأنه عازم على الطغيان على مولاه وهو مما يستقل العقل بقبحه.
وقد أوضح ذلك في حاشيته على الرسائل ، فقال : «وبالجملة : صفتا التجري والانقياد ما دامتا كامنتين في العبد ولم يصِر بصدد إظهارهما وترتيب الأثر عليهما لم يستحق الا اللوم والمدح كسائر الصفات الذميمة والأخلاق الحسنة ، وإذا صار بصدد الإظهار استحق ـ مضافاً إلى ذلك ـ العقوبة والمثوبة على أول مقدمة اختيارية من المقدمات التي يفعلها القلب ويتوقف عليها صدور الأفعال بالاختيار ...».
والحاصل : أن في التجري مراحل ثلاث : الأولى : سوء السريرة. الثانية : العزم على الجري على مقتضاها. الثالثة : التلبس بالفعل ، ولا إشكال في استحقاق اللوم والمذمة على المرحلة الأولى ، انما الخلاف في المرحلتين الأخيرتين ، فان الشيخ الأعظم ينكر استحقاق المذمة على الفعل فضلا عن استحقاق العقوبة ،
__________________
المخالفة قطعاً ، وعليه ، فالمخالفة بنفسها لا تستلزم استحقاق العقوبة ما لم ينطبق عليها عنوان هتك حرمة المولى والتمرد عليه ، ولا ريب في كون عدم الاعتناء بالحجة طغياناً على المولى وخروجاً عن رسوم العبودية ، إذ لا موضوعية للحجة ، وانما هي طريق لإحراز مرامه ، فمخالفة الحجة مصداق الهتك والطغيان وان لم تكن عصياناً مصطلحاً.