أنه (١) من جهة مفهوم الشرط ،
______________________________________________________
(١) أي : أن الاستدلال من جهة مفهوم الشرط ، وهذا هو التقريب الخامس ، وأظهريته من سائر الوجوه انما هي لسلامته من الإشكالات الواردة على سائر الوجوه الستة المذكورة في حاشية الرسائل. وتوضيحه : أن الموضوع في الآية الشريفة هو طبيعة النبأ ، وقد علق وجوب التبين عنه على كون الجائي به فاسقاً ، فإذا انتفى الشرط ـ وهو مجيء الفاسق بطبيعة النبأ ـ لم يجب التبين عنه ، فكأنه قيل : «النبأ يجب التبين عنه ان جاء به الفاسق ، والنبأ لا يجب التبين عنه ان لم يجئ به الفاسق» وعلى هذا التقرير لا إشكال في استفادة حجية خبر العادل من الآية المباركة ، لصدق المفهوم على خبره ، يعني : يصدق على خبره «أنه نبأ لم يجئ به الفاسق». ولا يرد عليه ما أورده الشيخ الأعظم قدسسره من «أن القضية الشرطية في الآية الشريفة سيقت لبيان تحقق الموضوع ، فالمفهوم في الآية قضية سالبة بانتفاء الموضوع». وجه عدم الورود : أن الشيخ قدسسره جعل الموضوع في قضية المنطوق مجيء الفاسق بالنبإ ، فيرد عليه الإشكال الّذي ذكره. وأما نحن فقد جعلنا الموضوع فيها النبأ ، وهو باق في قضية المفهوم أيضا ، وسيأتي مزيد توضيح له.
والفرق بين هذه الوجوه الخمسة في تقرير الاستدلال : أن موضوع التبين في الأول هو وصف الفسق ، وفي الثاني هو وصف الفسق في خصوص المقام ، وفي الثالث هو عدم الاطمئنان العرفي في خبر الفاسق ، وفي الرابع هو خوف الوقوع في الندم ، وفي الخامس هو النبأ بما هو نبأ ، لكن بشرط كون الجائي به فاسقاً.
__________________
خلافه ، فخبر العادل حجة مطلقاً ، وهذا مناف لما ذهب إليه من يقول بجعل المحرزية والوسطية في الإثبات في الأمارات غير العلمية ، فان الاستدلال بالمفهوم على هذا القول لا يخلو من الغموض ، لما عرفت من ظهور المفهوم في خلافه.