أنه لمّا وجب الإنذار لكونه (١) غاية للنفر الواجب ، كما هو (٢) قضية كلمة «لو لا» التحضيضية وجب (٣) التحذر ، وإلّا لغا (٤) وجوبه.
ثالثها (٥)
______________________________________________________
الماضي التوبيخ واللوم على ترك الفعل ، ومعناها في المضارع الحض على الفعل والطلب له» هذا ، ومن المعلوم أنه لا يحسن الذم والتوبيخ على ترك شيء إلّا إذا كان واجباً ، فلا بد وأن يكون النفر واجباً ، لتوجه الذم على تركه. وأما وجوب الإنذار ، فلما ذكره في المتن من كونه غاية للنفر الواجب ، وما هو غاية للواجب واجب. وأما وجوب الحذر فلأنه لو لم يجب الحذر بقبول قول المنذر والعمل به لغا وجوب الإنذار ، إذ لا معنى لوجوب الإنذار مع عدم وجوب العمل بقول المنذر ، نظير ما يأتي في آيتي الكتمان والسؤال من أن وجوب الإظهار والسؤال ملازم للقبول ، فمناط هذا الوجه هو لغوية وجوب الإنذار إذا لم يكن القبول واجباً.
(١) أي : لكون الإنذار غاية للنفر ، لدخول «لام» الغاية عليه مثل «ليتفقهوا»
(٢) أي : وجوب النفر مقتضى كلمة «لو لا» كما عرفت توضيحه.
(٣) جواب «لمّا».
(٤) أي : وان لم يجب التحذر مع وجوب الإنذار لزم لغوية وجوب الإنذار ، فضمير «وجوبه» راجع إلى الإنذار.
(٥) أي : ثالث وجوه الاستدلال بآية النفر : أن التحذر جعل في الآية غاية للإنذار الواجب ، لوقوع «لعل» هنا موقع الغاية ، نظير قوله : «أسلم لعلك تفلح» وقوله تعالى : «لعلكم تتقون» و «لعلكم تفلحون» وغير ذلك مما ورد في الكتاب المجيد ، وحينئذ فالغاية المترتبة على الإنذار الواجب ـ لكونه غاية للنفر الواجب ـ هي الحذر ، وغاية الواجب واجبة ، فيكون الحذر واجباً.