ضرورة (١) أن الآية مسوقة لبيان وجوب النفي لا لبيان غايتية [غائية] التحذر (٢) ، ولعل وجوبه كان مشروطاً بما إذا أفاد العلم لو (٣) لم نقل
______________________________________________________
(١) تعليل لنفي الإطلاق ، وإشارة إلى دفع توهم ، أما التوهم فهو : أن إطلاق الآية يقتضي عدم اختصاص وجوب الحذر بصورة إفادة الإنذار للعلم ، فيجب العمل بقول المنذر مطلقاً ـ يعني سواء حصل العلم بقوله للمنذر ـ أم لا.
وأما الدفع ، فهو : أنه لا إطلاق للآية من هذه الجهة حتى يدل على حجية قول المنذر مطلقاً ، إذ الآية غير مسوقة لبيان غائية التحذر حتى يكون لها إطلاق من هذه الجهة ، بل مسوقة لبيان وجوب النفر ، ومن المعلوم أنه مع عدم إحراز الإطلاق من جهة لا يمكن التمسك به من تلك الجهة كما قرر في محله ، فلعل وجوب الحذر كان مشروطاً بما إذا أفاد الإنذار العلم كما هو واضح.
(٢) كي يجب التحذر مطلقاً حتى في صورة عدم حصول العلم بصدق المنذر.
(٣) هذا إشكال ثان على الاستدلال بالآية تعرض له الشيخ الأعظم أيضا بقوله : «الثاني أن التفقه الواجب ليس إلّا معرفة الأمور الواقعية من الدين ... فالحذر لا يجب إلّا عقيب الإنذار بها ، فإذا لم يعرف المنذر ـ بالفتح ـ أن الإنذار هل وقع بالأمور الدينية الواقعية أو بغيرها خطأ أو تعمداً من المنذر ـ بالكسر ـ لم يجب الحذر ... إلخ» ومحصل هذا الإشكال : إحراز عدم الإطلاق في الآية وظهورها في اشتراط وجوب الحذر بإفادة الإنذار للعلم ، توضيحه : أن ظاهر الآية هو الإنذار بما تفقهوا فيه من معالم الدين ، فلا بد أن يكون وجوب الحذر مترتباً على هذا النحو من الإنذار ، فما لم يحرز أن الإنذار إنذار بما تفقهوا فيه لم يجب الحذر ، ولا يجوز الحكم بوجوبه ـ عند الشك في أنه إنذار بما تفقهوا فيه أم لا ـ تمسكاً بهذه الآية ، لأنه حينئذ تمسك بها مع الشك في الموضوع ، وهو غير جائز على ما حرر في محله.