والعزم (١) على الطغيان ، لا على الفعل الصادر بهذا العنوان (٢) بلا اختيار (٣).
ان قلت (٤) : ان القصد والعزم انما يكون من مبادئ الاختيار ، وهي ليست باختيارية وإلّا لتسلسل.
______________________________________________________
(١) المراد به إرادة الطغيان والمخالفة ، لا ما هو من مبادئ الإرادة ، كالعلم بالغاية والتصديق بها ، لكونه أجنبياً عن المقام.
(٢) أي : بعنوان معلوم الوجوب أو الحرمة.
(٣) متعلق بقوله : «الصادر» والمراد بعدم الاختيار هو عدم الالتفات والقصد معاً ، أو عدم القصد فقط كما تقدم.
(٤) حاصل هذا الإشكال : أنه لا بد أن يكون استحقاق العقوبة على نفس الفعل المتجري به لا على قصد العصيان كما قلتم ، لأنه عقاب على أمر غير اختياري ، حيث ان القصد من مبادئ الفعل الاختياري الّذي يتوقف على العزم والإرادة اللذين ان كانا اختياريين احتاجا إلى عزم وإرادة آخرين ، فان كانت الإرادة الثانية اضطرارية لزم أن تكون الإرادة الأولى أيضا اضطرارية ، لأنهما مثلان ، وحكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد فيكون العقاب بالاخرة على أمر غير اختياري.
__________________
فالنتيجة : أن تعنون الفعل المتجري به بعنوان هتك الحرمة صدر عن الاختيار بواسطة إحراز الحكم ولو كان مخالفاً للواقع ، وهذا الإحراز جهة تعليلية لصدور الفعل عن النّفس بإرادة واختيار ، وهتك الحرمة ظلم على المولى ، بخلاف قصد العصيان ، فانه قصد للظلم لا نفسه ، فلا يحسن إناطة استحقاق العقاب به.
والحاصل : أن النّفس بقيّوميتها وفاعليتها تختار الهتك ، فهو معلول للنفس ، لا للإرادة بمعنى الشوق المؤكد ، نعم قد ترجح النّفس بسببها الفعل على الترك.