الردع بها عنها.
فانه يقال (١) : انما يكفي في حجيته بها عدم ثبوت الردع عنها ،
______________________________________________________
(١) هذا جواب الإشكال ، ومحصله : منع الدور بمنع التوقف الثاني ـ وهو توقف وجوب اتباع السيرة على ثبوت عدم الردع بتلك الآيات عنها ، وأن القدر المسلم توقفه على عدم ثبوت الردع عنها ، لا توقفه على ثبوت عدم الردع عنها ـ وتوضيحه : أن اعتبار خبر الثقة بالسيرة لا يتوقف على عدم الردع الواقعي عن السيرة ، بل يتوقف على عدم العلم بالردع عنها ، فعدم العلم بالردع كاف في اعتبار السيرة ، فيثبت بها اعتبار خبر الثقة ، كما أن عدم ثبوت الردع كاف أيضا في تخصيص العموم بالسيرة ، فإذا لم يعلم بالردع كفى ذلك في اعتبار السيرة ، ويثبت به اعتبار خبر الثقة حينئذ ، وعدم ثبوت الردع كاف في تخصيص العموم بالسيرة. والوجه في جواز الركون إلى السيرة مع عدم ثبوت الردع عنها : أن المناط في الإطاعة والمعصية ـ اللتين يحكم العقل بحسن الأولى وقبح الثانية ـ هو ما يكون عند العقلاء طاعة وعصياناً ، وحينئذ
__________________
الناهية للردع عنه ، لخروجه عن موضوع الآيات تخصصاً ، لما مر في بعض التعاليق من عدم بناء العقلاء على العمل بالظن ، فلا يعملون بخبر الثقة إلّا إذا أفاد الاطمئنان الّذي هو علم عادي ، فخبر الثقة على هذا خارج موضوعاً عن الآيات الناهية ، ولا يرى العقلاء من يعمل بخبر الثقة عاملا بالظن ومخاطباً بمثل قوله تعالى : ولا تقف ما ليس لك به علم.
ثم ان الرادعية والمخصصية من الأمور المتضادة ، وقد ثبت في محله : أنه لا مقدمية بين عدم أحد الضدين ووجود الآخر ، فتعبير المصنف (قده) «بتوقف التخصيص على عدم الردع وتوقف الردع على عدم التخصيص» لا يخلو عن المسامحة.
نعم وجود كل منهما يلازم عدم الآخر ، وهذا غير التوقف والمقدمية.