أما الصغرى فلأن الظن بوجوب شيء أو حرمته يلازم الظن بالعقوبة
______________________________________________________
والوجه في الاستلزام المزبور كون الحكم مترتباً على الملاك وعلة لاستحقاق المثوبة على موافقته والعقوبة على مخالفته ، ومن المعلوم أن الظن بالعلة ـ وهي الحكم ـ يلازم الظن بالمعلول وهو استحقاق المثوبة أو العقوبة ، كما أن العلم بها أو الشك فيها يوجب العلم بالمعلول أو الشك فيه. وعليه فالظن بالحكم الإلزامي مستلزم للظن بالضرر الدنيوي أو الأخروي على مخالفته ، أما الدنيوي فلترتب الوقوع في المفسدة أو فوات المصلحة على مخالفته. وأما الأخروي فلترتب الظن بالعقوبة على مخالفته ، فالصغرى ـ وهي ترتب الضرر الدنيوي أو الأخروي على مخالفة الحكم المظنون ـ ثابتة.
وأما الكبرى ـ وهي التي أشار إليها بقوله : «وأما الكبرى ...» ـ فحاصلها : أنه ـ بعد إثبات الملازمة بين الظن بالحكم والظن بالضرر في الصغرى ـ نقول : ان دفع الضرر المظنون لازم ، لاستقلال العقل به وان عزلنا العقل عن التحسين والتقبيح كما هو مذهب الأشعري ، لعدم ابتناء حكمه بلزوم دفع الضرر المظنون على القول بالتحسين والتقبيح ، لأن لزومه من الأمور الفطرية المجبولة عليها النفوس ولا ربط له بالعقل ، ضرورة أن ملاك وجوب دفع الضرر هو كونه منافراً للطبع ، كما أن ملاك جلب المنفعة هو كونها ملائمة للطبع ، وهما مما اتفق عليه العقلاء حتى الأشعري المنكر للحسن والقبح ، حيث ان ما أنكره هو إدراك العقل بعض الأفعال على وجه يمدح أو يذم فاعله عليه ، لا منافرة بعض الأشياء للطبع أو ملائمته له ، فانهما مما لا ينكره ذو فطرة ، ومنه دفع الضرر وجلب المنفعة.
وبالجملة : فملاك حكم العقل بلزوم دفع الضرر المظنون ليس منحصرا في التحسين والتقبيح العقليين حتى ينتفي لزوم دفعه بانتفاء ملاكه ، فالتزامه