.................................................................................................
______________________________________________________
إلى ما ذكرنا وممّا يعضد ذلك أنّه ورد في الأخبار (١) المستفيضة بتنشيف الميّت بعد الغسل بثوب ولا شكّ في تحقّقه وصدقه على التنشّف بالمئزر ، بل بالمنشفة ، لأنها أظهر أفراده فإن أراد أنّ ذلك يظهر من الأخبار ففيه أنّه ليس فيها إلّا كونها ثلاثة أثواب ، مضافاً إلى ما أشرنا من أنّ الغرض ليس إلّا ذكر العدد وأمّا الكيفيّة فلا ، بل ظهر خلاف ذلك منها ، وإن أراد أنّ الثوب مطلق غير مقيّد بكونه مئزراً وإن كان المئزر أحد أفراده ، وأنّ ما ذكره الشيخان يتحقّق به الكفن الصحيح قطعاً إلّا أنّ الكلام معهما في التعيين وعدم صحّة الغير ، بل مقتضى الأخبار صحّة كلّ ما صدق عليه اسم الثوب ففيه أنّه خلاف ظاهر كلامه ، مضافاً إلى ما أشرنا إليه من وهن دلالة الإطلاق ، بل وعدمها وقد أشرنا أيضاً إلى ما يمكن أن يجعله عذراً لهما ومن تبعهما متأيّداً بالشهرة التامّة بين الفحول من فقهائنا المتقنين الماهرين المأمونين عن الوهم بالمبالغة التامّة والاحتياط الزائد في مقام الإفتاء فكيف يتفقون في الإفتاء بما لا منشأ له أصلاً بل مخالف لمقتضى الأخبار التي هي مستندهم في فتاواهم ، ومع ذلك يتفقون بحيث لا يظهر منهم مخالف ، إذ الصدوق ستعرف أنّه موافق لا مخالف وأمّا ابن الجنيد فكونه مخالفاً لهم غير معلوم ، إذ لا يظهر منه كون كلّ قطعة شاملة لجميع الجسد ، لأنّه قال : يدرج في مجموع الثلاثة لا في كلّ واحد واحد منها ، غاية ما يظهر منه عدم وجوب المئزر لا عدم صحّته ، ومثل هذا الخلاف منه سهل كما لا يخفى على المطّلع بحاله في سائر المسائل ، فتأمّل. والمستفاد من بعض الأخبار كون القميص تحت الإزار الّذي يظهر كونه المئزر ، بل تحت الخرقة التي يشدّ بها الفخذ أيضاً.
وبالجملة لو بنى على أنّ الثوب الوارد في تلك الروايات مطلق وشامل لكلّ ما يصدق عليه اسم الثوب فلا شكّ في شموله للمئزر وصدقه عليه فيجب الحكم بصحّة جعله أحد الأثواب قطعاً ، سيما مع ملاحظة كثير من الأخبار الدالّة على أنّ
__________________
(١) وسائل الشيعة : ب ٢ من أبواب غسل الميّت ح ٢ ج ٢ ص ٦٨٠.