.................................................................................................
______________________________________________________
وقال الشهيد الثاني في «فوائد القواعد (١)» أنّ العبارة ذات وجهين : أحدهما نجاسة بدن الميّت والثاني نجاسة بدن الماسّ وعلى الوجهين يراد بالحكميّة المعاني الثلاثة فالأقسام ستة ، ثمّ زيّفها جميعاً ، ثمّ قال : والأولى إرادة المعنى الأوّل لأنّه أبعد عن الفساد ويراد من الحكميّة المعنى الثاني يعني ما لا يكون له جرم ولا عين يشار إليهما. قال وما يرد عليه من أنّ النجاسة العينيّة المقابلة لها حكمها كذلك فلا وجه لتخصيصها وأنّه خلاف المعروف من مذهبه فإنّه تقدّم منه الجزم بأنّه ينجس الملاقي له مطلقاً وأنّ نجاسة الميّت حدثيّة من وجه خبثيّة من آخر فلا يتمّ إطلاقه فيتعذّر عن الأوّل بأنّ وجه تخصيص الحكميّة مشابهتها لها في الصورة والمعنى ، بل هي على ذلك التقدير بعض أفرادها وعن الثاني بأنّه رجوع عما ذهب إليه سابقاً وهو سهل عند المصنّف مع أنّ دليله وجيه لو لا أنّه خلاف المعروف من المذهب والأخبار الّتي دلّت على تعدّي نجاستها مطلقاً يمكن تقييدها بقوله عليهالسلام «كل يابس ذكيّ» وبالإجماع على عدم تعدّي نجاسة الكلب والخنزير وأشباههما مع أنّ نجاستهما أقوى من نجاسة الميّت وعن الثالث بأنّ كونها حدثيّة قد علم من موضع آخر ومن أوّل البحث وبقي المعنى الآخر فبيّنه ثمّ قال : ويمكن أن يختار للحكميّة معنىً آخر رابعاً إلى آخر ما نقلناه عنه في أوّل هذه المسألة.
هذا المعنى الرابع هو الّذي فهمه الفاضل الهندي في «كشف اللثام» من العبارة ، قال : لأنّ الأصل عدم التنجيس خالفناه فيما لاقى الميّت لعموم أدلّته والفتاوي فيبقى الباقي على أصله وهو خيرة ابن إدريس. ونسب إليه حكميّة نجاسته مطلقاً بمعنى أنّه لو مسّه برطوبة ثمّ لمس رطباً لم ينجس أيضاً ، ولا يدلّ كلامه عليه (٢) ، انتهى. قلت : الناسب إليه ذلك المصنّف في «التذكرة (٣)» والشهيد الثاني في
__________________
(١) فوائد القواعد : كتاب الطهارة في الغسل ص ٤٤ (مخطوط مكتبة المرعشي الرقم ٤٢٤٢).
(٢) كشف اللثام : كتاب الطهارة في أحكام الأموات ج ٢ ص ٤٢٩.
(٣) تذكرة الفقهاء : كتاب الطهارة في غسل مسّ الميّت ج ٢ ص ١٣٢.