عند الحاجة إليه على القافية التي يريد؟ فقالوا له : فافعل أنت ذلك ، قال : فجعل كلما أنشده واحد منهم بيتا أجابه من نظمه على قافيته حتى قطعهم كلهم ، فعجبوا منه وانصرفوا.
ومن أعجب ما بلغني عن فطنته وذكائه ما سمعت والدي رحمهالله يحكيه عنه فيما تأثره عن مشايخ أهل حلب أن أبا العلاء لما نظر إلى بغداد واجتاز في طريقه وهو راكب على جمل بشجرة فقيل له : طأطىء رأسك ، ففعل ، وأقام ببغداد مدة إقامته بها ، فلما عاد من بغداد إلى معرة النعمان اجتاز بذلك الموضع وقد قطعت تلك الشجرة ، فطأطأ رأسه ، فسئل عن ذلك فقال : ههنا شجرة ، فقيل له : ما ههنا شيء ، فقال : بلى قد كان ههنا شجرة حين عبرت هذا منحدرا إلى بغداد ، فحفروا في ذلك الموضع فوجدوا أصلها ا ه.
وأخبرني بعض آل المهذب المعريين أن أهل المعرة يذكرون فيما ينقلونه عن سلفهم أن أبا العلاء بن سليمان لما سافر إلى بغداد دفع بعض أهله إلى خادمه الذي كان سافر معه لخدمته ماء من بئر بالمعرة يقال له بئر القراميد ، وقال له : إذا أراد العود من بغداد فاسقه من هذا الماء ، قال : فلما خرج من بغداد متوجها إلى معرة النعمان سقاه ذلك الماء ، فقال أبو العلاء : ما أشبه هذا الماء بماء بئر القراميد ا ه.
أخبرنا القاضي شهاب الدين أحمد بن مدرك بن سليمان قاضي المعرة قال : أخبرني جماعة من سلفنا أن بعض أمراء حلب قيل له : إن اللغة التي ينقلها أبو العلاء إنما هي من الجمهرة ، وعنده من الجمهرة نسخة ليس في الدنيا مثلها ، وأشاروا عليه بطلبها منه قصدا لأذاه ، فسيّر أمير حلب رسولا إلى أبي العلاء يطلبها منه ، فأجابه بالسمع والطاعة وقال : تقيم عندنا أياما حتى نقضي شغلك ، ثم أمر من يقرأ عليه كتاب الجمهرة فقرئت عليه حتى فرغوا من قراءتها ، ثم دفعها إلى الرسول وقال له : ما قصدت بتعويقك إلا أن أعيدها على خاطري خوفا من أن يكون قد شذ منها شيء عن خاطري ، فعاد الرسول وأخبر أمير حلب بذلك فقال : من يكون هذا حاله لا يجوز أن يؤخذ منه هذا الكتاب. وأمر برده إليه. ا ه.
وقرأت في بعض مطالعاتي في الكتب ووجدته معلقا عندي بخطي أن رجلا من طلبة