غير أني رددت برّك إذ كا |
|
ن ربا منك والربا لا يحلّ |
وإذا ما جزيت شعرا بشعر |
|
قضي الحقّ والدنانير فضل |
فلما عادت الدنانير إليه حل الصرة وضم إليها خمسين دينارا أخرى وحلف إنه لا يردها عليه وسيرها ، فلما وصلت إلى البحتري أنشأ يقول :
شكرتك إن الشكر للعبد نعمة |
|
ومن يشكر المعروف فالله زائده |
لكل زمان واحد يقتدى به |
|
وهذا زمان أنت لا شك واحده |
ثم قال ابن خلكان : وأخباره ومحاسنه كثيرة فلا حاجة إلى الإطالة. ولم يزل شعره غير مرتب حتى جمعه أبو بكر الصولي ورتبه على الحروف (١) ، وجمعه أيضا علي بن حمزة الأصبهاني ولم يرتبه على الحروف بل على الأنواع كما صنع بشعر أبي تمام.
وللبحتري أيضا كتاب حماسة (٢) على مثال حماسة أبي تمام ، وله كتاب معاني الشعر.
وكانت ولادته سنة ست وقيل سنة خمس ومائتين ، وتوفي سنة أربع وثمانين ، وقيل خمس وثمانين ، وقيل ثلاث وثمانين ، والأول أصح والله أعلم بالصواب. وكان موته بمنبج وقيل بحلب والأول أصح.
وأهل الأدب كثيرا ما يسألون عن قول أبي العلاء المعري :
وقال الوليد النبع ليس بمثمر |
|
وأخطأ سرب الوحش من ثمر النبع |
فيقولون من هو الوليد المذكور وأين من قال النبع ليس بمثمر ، ولقد سألني عنه جماعة كثيرة ، والمراد بالوليد هو البحتري المذكور وله قصيدة طويلة يقول فيها :
وعيرتني سجال العدم جاهلة |
|
والنبع عريان ما في فرعه ثمر |
وهذا البيت هو المشار إليه في بيت المعري ، وإنما ذكرت هذا لأنه فائدة تستفاد.
__________________
(١) طبع ديوانه في القسطنطينية في مطبعة الجوائب سنة ١٣٠٠ وطبع أيضا في بيروت في المطبعة الأدبية سنة ١٩١١.
ووجدت نسخة خطية من ديوانه في المكتبة اليسوعية في بيروت.
(٢) طبع أيضا في بيروت في المطبعة اليسوعية.