وعبيد الله وأخوه أبو عبادة ابنا يحيى بن الوليد البحتري اللذان مدحهما المتنبي في قصائده هما حفيدا البحتري الشاعر المذكور وكانا رئيسين في زمانهما.
والبحتري بضم الباء الموحدة وسكون الحاء المهملة وضم التاء المثناة من فوقها وبعدها راء هذه النسبة إلى بحتر وهو أحد أجداده (وقد ذكره في عمود نسبه). وزردفنة بفتح الزاي وسكون الراء وفتح الدال المهملة وسكون الفاء وفتح النون وبعدها هاء ساكنة وهي قرية من قرى منبج بالقرب منها. ومنبج بفتح الميم وسكون النون وكسر الباء الموحدة وبعدها جيم وهي بلدة بالشام بين حلب والفرات بناها كسرى لما غلب على الشام وسماها منبه فعربت فقيل منبج ، ولكونها وطن البحتري كان يذكرها في شعره كثيرا ، فمن ذلك قوله في آخر قصيدة طويلة يخاطب بها الممدوح وهو أبو جعفر محمد بن حميد بن عبد الحميد الطوسي :
لا أنسين زمنا لديك مهذبا |
|
وظلال عيش كان عندك سجسج |
في نعمة أوطنتها وأقمت في |
|
أفيائها فكأنني في منبج |
وكان البحتري مقيما في العراق في خدمة المتوكل والفتح بن خاقان وله الحرمة التامة ، فلما قتلا (١) كما هو مشهور في أمرهما رجع إلى منبج ، وكان يحتاج للترداد إلى الوالي بسبب مصالح أملاكه ويخاطبه بالأمين لحاجته إليه ولا تطاوعه نفسه إلى ذلك فقال قصيدة منها :
مضى جعفر والفتح بين مرمّل |
|
وبين صبيغ بالدماء مضرّج |
أأطلب أنصارا على الدهر بعدما |
|
ثوى منهما في الترب أوسي وخزرجي |
أولئك ساداتي الذين بفضلهم |
|
حلبت أفاويق الربيع المثجّج |
مضوا أمما قصدا وخلفت بعدهم |
|
أخاطب بالتأمير والي منبج |
اه. ابن خلكان.
وفي كتاب «خاص الخاص» للثعالبي قال القاضي أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني : غرر البحتري ووسائط قلائده كثيرة ، وعندي أن أفصح أبياته وأبلغها وأحسنها قوله فيمن يرضى بعد السخط وفي نفسه بقية من العتب :
__________________
(١) أقول : كان قتل جعفر المتوكل والفتح بن خاقان سنة سبع وأربعين ومائتين.