غاية وسمعت قارئا يقرأ من فوقه (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ.) الآية (١) ثم انتبهت مرعوبا.
وكانت ولادته سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة بطرابلس ، وكانت وفاته في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة بحلب ، ودفن في جبل جوشن بقرب المشهد الذي هناك رحمهالله تعالى ، وزرت قبره فرأيت عليه مكتوبا :
من زار قبري فليكن موقنا |
|
أن الذي ألقاه يلقاه |
فيرحم الله امرأ زارني |
|
وقال لي يرحمك الله |
وأشعاره لطيفة فائقة ، ومن شعره من جملة قصيدة :
وإذا الكريم رأى الخمول نزيله |
|
في منزل فالحزم أن يترحلا |
كالبدر لما أن تضاءل جد في |
|
طلب الكمال فحازه متنقلا |
سفها لحلمك إن رضيت بمشرب |
|
رنق ورزق الله قد ملأ الملا |
ساهمت عيسك مرّ عيشك قاعدا |
|
أفلا فليت بهن ناصية الفلا |
فارق ترق كالسيف سلّ فبان في |
|
متنيه ما أخفى القراب وأخملا |
لا تحسبن ذهاب نفسك ميتة |
|
ما الموت إلا أن تعيش مذللا |
للقفر لا للفقر هبها إنما |
|
مغناك ما أغناك أن تتوسلا |
لا ترض من دنياك ما أدناك من |
|
دنس وكن طيفا جلا ثم انجلى |
وصل الهجير بهجر قوم كلما |
|
أمطرتهم شهدا جنوا لك حنظلا |
من غادر خبثت مغارس ودّه |
|
فإذا محضت له الوداد تأولا |
لله علمي بالزمان وأهله |
|
ذنب الفضيلة عندهم أن تكملا |
طبعوا على لؤم الطباع فخيرهم |
|
إن قلت قال وإن سكت تقولا |
أنا من إذا ما الدهر همّ بخفضه |
|
سامته همته السماك الأعزلا |
واع خطاب الخطب وهو مجمجم |
|
راع أكلّ العيس من عدم الكلا |
زعم كمنبلج الصباح وراءه |
|
عزم كحد السيف صادف مقتلا |
ومن غرر قصائده قوله :
__________________
(١) الزمر : ١٦.