أقول : وكيف كان فلا أقل أن يكون ما ذكرناه في معنى الرواية مساويا لما ذكروه من الاحتمال ، وبه يبطل الاعتماد عليها في الاستدلال.
و (ثانيها) ما رواه الشيخ عن منصور بن حازم (١) في الصحيح قال : «تستأمر البكر وغيرها ، ولا تنكح إلا بأمرها». وأورد على الاستدلال بهذه الرواية كما ذكره السيد السند وقبله جده (عطر الله مرقديهما) بأن أقصى ما تدل عليه عدم استقلال الأب بالولاية ، لا جواز انفرادها واستقلالها كما هو المدعى ، وحينئذ فلا تنفي التشريك الذي هو أحد الأقوال في المسألة.
واحتمل بعض المحققين حملها على بكر ليس لها أب جمعا بينها وبينما تقدم من الأخبار الصحيحة الصريحة في استقلاله كما عرفت ، وهو جيد.
ويمكن الجمع أيضا بما ذكره الشيخ في التهذيب من الحمل على الاستحباب فإنه قال بعد نقل الخبر المذكور : فهذا الخبر محمول على الأفضل فيما يختص الأب من أمر البكر ، وما يختص غيره محمول على ظاهره من الوجوب وأنه لا يجوز العقد عليها إلا بأمرها. انتهى.
وهذا الحمل أيضا لا بأس به في مقام معارضته ما ترجح عليه سندا وعددا ودلالة (٢).
و (ثالثها) ما رواه الشيخ في التهذيب عن زرارة (٣) عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إذا كانت المرأة مالكة أمرها تبيع وتشتري وتعتق وتشهد وتعطي من مالها ما شاءت
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ٣٨٠ ح ١١ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٠٣ ح ١٠.
(٢) قال في المسالك بعد البحث في الرواية وذكر ما يرد عليها وما أجاب به وطول الكلام فيه : وقد ظهر من جميع ما حققناه أن دلالة الرواية قريبة الأمر ، الا أنها مشتملة على شبهات كثيرة لا يقاوم ما سيأتي مما يدل صريحا على ثبوت الولاية من النصوص الصحيحة. انتهى وفيه إشارة إلى صحة القول الذي اخترناه وترجيحه له. (منه ـ قدسسره ـ).
(٣) التهذيب ج ٧ ص ٣٧٨ ح ٦ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢١٥ ح ٦.