بالدلالة على خلافه أظهر في هذا المجال ، وذلك فإنه عليهالسلام نسب القول (١) بذلك إلى غيره ، فقال «كان يقال» وفيه إشعار بعدم اعتباره عنده عليهالسلام ، ويؤيد ذلك أن السائل لما فهم منه عدم إرادته كرر السؤال فقال «هل يحرم عشر رضعات» فقال «دع ذا» ، ثم عدل إلى كلام خارج من البين ، فقال : «ما يحرم من النسب فهو يحرم من الرضاع» فلو كان التحريم بالعشر حقا كما يدعونه لما عدل عن الإفتاء به أولا ، بل نسبه إلى غيره ، ولما أعرض عن جواب السؤال الثاني وعدل إلى كلام خارج من البين ، بل جميع ذلك مما يؤذن بعدم التحريم بالعشر ، كما أشرنا إليه.
على أن هذه الرواية معارضة بصحيحة علي بن رئاب (٢) المتقدمة الدالة
__________________
(١) قال الشيخ في الاستبصار : والجواب عن هذا أنه لم يقل أن عشر رضعات يحرم عن نفسه بل أضافه إلى غيره فقال «كان يقال» الى آخره ولو كان ذلك صحيحا لا خبر به عن نفسه. إلخ.
واعترض الفاضل الداماد في رسالته التي في التنزيل حيث انه اختار فيها القول بالتحريم بالعشر فقال ما هذا لفظه : قلت هذا الكلام ضعيف جدا لانه لو لم يكن ذلك صحيحا لكان واجبا على الامام عليهالسلام أن ينبه على فساده وأن يعين ما هو الصحيح في ذلك. انتهى.
أقول : بل الضعيف انما هو كلامه (قدسسره) حيث ان ما أوجبه على الامام من الجواب بما هو الصحيح الواردة عنهم عليهمالسلام في تفسير قوله عزوجل «فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ» لتصريحها بان الواجب عليكم أن تسئلونا وليس علينا أن نجيبكم بل ذلك إلينا ان شئنا أجبنا وان شئنا لم نجب.
والوجه في ذلك أنهم بالمصالح في ذلك أعلم فقد يجيبون بما هو الحكم الواقعي وقد يجيبون بخلافه وقد لا يجيبون بالكلية وقد يجيبون بأجوبة مشتبهة ، كل ذلك قد أباحته التقية.
ولكن هذا الفاضل غفل عن ملاحظة الأخبار المذكورة ولم تخطر بباله ولا يخفى على من لا حظ الاخبار وجاس خلال تلك الديار صحة ما ذكرناه ودلالتها على ما قلناه والله العالم. (منه ـ قدسسره ـ).
(٢) التهذيب ج ٧ ص ٣١٣ ح ٦ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٨٣ ح ٢.