جماعة من العامة استنادا إلى الغاية المطلوبة من الرضاع وهو إنبات اللحم واشداد العظم ، وهي حاصلة بالوجور كما تحصل بالرضاعة ، ولأنه يصل إلى الجوف كما يصل بالارتضاع ، فيجب أن يساويه في التحريم.
وبالجملة فمرجع استدلالهم إلى قياس الوجور على الامتصاص من الثدي لاشتراكهما في العلة المستنبطة أو المومي إليها في قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) «لإرضاع إلا ما شد العظم وأنبت اللحم». وحينئذ فمرجع النزاع معهم إلى منع القياس مطلقا واختلاله في المتنازع لا إلى منع صدق الرضاعة والإرضاع بهذا الفعل كما هو المشهور في جوابهم ، وحال العامة في القياس معلوم ، وابن الجنيد يوافقهم عليه ، انتهى.
أقول : يمكن أن يكون مستند ابن الجنيد في هذا القول ما رواه الصدوق في الفقيه مرسلا (٢) قال : وقال أبو عبد الله عليهالسلام «وجور الصبي اللبن بمنزلة الرضاع». وهي صريحة في مدعاه ، وحملها على التقية ممكن ، بل هو الظاهر لما عرفت من اتفاق الأصحاب على خلافه مضافا إلى ظاهر الروايتين المتقدمتين ، واتفاقهم سيما المتقدمين منهم مثمر للعلم العادي بكون ذلك هو مذهب أئمتهم.
وربما يتوهم من نقل الصدوق الرواية المذكورة في كتابه القول بها بناء على قاعدته في صدر كتابه ، فيكون قائلا بما قاله ابن الجنيد.
وفيه ما أوضحناه في شرحنا على الكتاب المذكور من أنه لا يخفى على المتتبع له أنه لم يقف على هذه القاعدة ، ولم يلتزم ما تضمنه من الفائدة لحصول
__________________
القياس والعمل به ، وأن القائل به لا أقل يكون فاسقا ، فكيف مع هذا يعتبرون أقوال ابن الجنيد ويعتمدون بها ، والحال كما سمعت ، بل الواجب إخراجه من عداد علماء الشيعة بالكلية كما لا يخفى. (منه ـ قدسسره ـ).
(١) سنن أبى داود ج ٢ ص ٢٢٢ ح ٢٠٦٠.
(٢) الفقيه ج ٣ ص ٣٠٨ ح ٢٣ ، الوسائل ج ١٤ ص ٢٩٨ ح ٣.