هذا الحديث أن المرأة الأولى إذا أرضعت الجارية حرمت الجارية عليه لأنها صارت بنته ، وحرمت عليه المرأة الأخرى لأنها أم امرأته ، فإذا أرضعتها المرأة الأخيرة أرضعتها وهي بنت الرجل لا زوجته ، فلم تحرم عليه لأجل ذلك.
وإلى هذا القول مال السيد السند في شرح النافع ، وشيخنا المجلسي في حواشيه على الكافي وهو الأظهر ، ويعضده أصالة الإباحة ، قال في شرح النافع ـ بعد ذكر الرواية ـ : فهذه الرواية وإن كانت ضعيفة السند لكنها مطابقة لمقتضى الأصل السالم عن المعارض صريحا فيترجح العمل بمضمونها. انتهى.
وقيل يتعدى التحريم إلى الثانية أيضا ، وهو مذهب ابن إدريس ، ونقل عن الشيخ في المبسوط ، وبه صرح المحقق في النافع ، والعلامة في المختلف وأكثر المتأخرين ، ومنهم شيخنا الشهيد الثاني في المسالك قالوا : لأن هذه يصدق عليها أنها أم زوجته وإن كان قد انفسخ عقدها ، لأن الأصح أنه لا يشترط في صدق المشتق بقاء المعنى فتدخل تحت قوله «وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ» ولمساواة الرضاع للنسب ، وهو محرم سابقا ولا حقا فكذا مساويه ، كذا ذكره في المسالك ثم قال : وهو الأقوى.
أقول : مرجع الدليل الأول إلى ثبوت هذه القاعدة الأصولية ، وهو أنه لا يشترط في صدق المشتق بقاء مأخذ الاشتقاق ، وقد حققنا في مقدمات الكتاب من المجلد الأول (١) في كتاب الطهارة ما في ذلك من الاشكال واختلاف الأقوال وعدم الصلاحية للبناء عليها في الأحكام الشرعية والاستدلال ، وأما الثاني فيخص عموم القاعدة المذكورة بالرواية.
بقي الكلام فيما طعن به في المسالك على الرواية المشار إليها من أنها ضعيفة السند ، قال : لأن في طريقها صالح بن حماد وهو ضعيف ، ومع ذلك فهي مرسلة لأن المراد بأبي جعفر عليهالسلام حيث يطلق الباقر عليهالسلام ، وبقرينة قول ابن شبرمة في مقابلة ، لأنه كان في زمنه وابن مهزيار لم يدرك الباقر عليهالسلام.
__________________
(١) ج ١ ص ١٢١.