ولو أريد بأبي جعفر الثاني وهو الجواد عليهالسلام بقرينة أنه أدركه وأخذ عنه فليس فيه أنه سمع منه ذلك ، بل قال : قيل له ، وجاز أن يكون سمع ذلك بواسطة ، فالارسال متحقق على التقديرين مع أن هذا الثاني بعيد لأن إطلاق أبي جعفر لا يحمل على الجواد عليهالسلام. انتهى.
أقول : فيه (أولا) أن ما طعن به من ضعف السند فهو عندنا غير مسموع ولا معتمد كما تقدمت الإشارة إليه في غير موضع مما تقدم مع أن ذلك لا يقوم حجة على الشيخ وأمثاله من المتقدمين الذين لا وجود لهذا الاصطلاح المحدث عندهم على أنك قد عرفت أن سبطه الذي هو من المتصلبين في هذا الاصطلاح قد عمل بالخبر المذكور وخرج عن قاعدة اصطلاحه في الأخبار ، لاعتضاد الخبر بأصالة الإباحة.
و (ثانيا) أن دعوى الإرسال بعدم صحة إطلاق أبي جعفر عليهالسلام على الجواد عليهالسلام ممنوعة كما لا يخفى على من تتبع الأخبار ، فإنه في الأخبار غير عزيز ، ومنه خبر الكتاب الذي كتبه إلى شيعته في أمر الخمس ، وصورة السند هكذا على ما في التهذيب (١) : محمد بن الحسن الصفار عن أحمد وعبد الله بن محمد عن علي بن مهزيار قال : «كتب إليه أبو جعفر عليهالسلام وقرأت أنا كتابه إليه في طريق مكة قال : الذي أوجبت في سنتي هذه» الخبر ، وضمير «قال» يرجع الى أحمد أو عبد الله «كتب إليه» يعني إلى علي بن مهزيار.
و (ثالثا) أنه مع تسليم الإرسال وأن المروي عنه هو الباقر عليهالسلام فمن الظاهر الذي لا يعتريه الريب أن جلالة الرجل المذكور وعلو منزلته في هذه الفرقة الناجية يمنع من نقله الخبر مع عدم صحته عنده وثبوته لديه كما في مراسيل ابن أبي عمير وغيره.
و (رابعا) أن ما جعله قرينة على كون المراد الباقر عليهالسلام من قول ابن شبرمة في مقابلته ، فإن ذلك متجه لو خلي المقام مما يدافعه ويضاده ، فإنه متى كان
__________________
(١) التهذيب ج ٤ ص ١٤١ ح ٢٠ ، الوسائل ج ٦ ص ٣٤٩ ح ٥.