المسألة غاية الاشكال وبعضا آخر (١) كذلك أيضا قد جعلها مما يرجى حكمه حتى يظهر الحق لما فيها من الإعضال ، رأيت أن أبسط الكلام في المقام بتوفيق الملك العلام بما لم يسبق إليه سابق من علمائنا الأعلام.
فأقول وبه سبحانه الثقة لا دراك المأمول ونيل المسؤل : من الأدلة الدالة علي القول المشهور قوله عزوجل في تعداد المحرمات «وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ».
والتقريب فيها أن ظاهر قوله تعالى «وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ» في تعداد المحرمات المعدودة ، هو الشمول للمدخول بهن وغيرهن ، فإن الجمع المضاف يفيد العموم كما قرر في محله ، وبهذا المعنى وردت الأخبار المأثورة في تفسير الآية المذكورة كما ستمر بك إن شاء الله.
ونقل شيخنا الشهيد الثاني في المسالك (٢) عن ابن عباس في هذه الآية أنه قال : أبهموا ما أبهم الله ، يعني عمموا حيث عمم بخلاف الربائب ، فإنه قيدهن بالدخول بأمهاتهن فيتقيدن.
وأنت خبير بأن ظاهر قوله سبحانه «وَرَبائِبُكُمُ اللّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ» نعت للنساء اللواتي هن أمهات الربائب لا غير ، وعلى ذلك أيضا تدل الأخبار الآتية ، وبذلك يظهر لك صحة دلالة الآية بطرفيها على القول المذكور.
وأما على تقدير قول ابن أبي عقيل ، فإنهم قد حملوا الآية على أن قيد الدخول راجع إلى المعطوف والمعطوف عليه ، وأن يكون قوله تعالى «مِنْ نِسائِكُمُ» راجعا
__________________
(١) أما الأول فهو السيد السند صاحب المدارك في شرحه على النافع ، والثاني هو المحقق المدقق الشيخ أحمد بن الشيخ محمد بن يوسف البحراني صاحب رياض المسائل وحياض الدلائل (منه ـ قدسسره ـ).
(٢) المسالك ج ١ ص ٤٧٧.