ورواية أبي الربيع (١) قال : سئل أبو عبد الله عليهالسلام «عن رجل تزوج امرأة فمكث أياما معها لا يستطيعها ، غير أنه قد رأى منها ما يحرم على غيره ثم طلقها ، أيصلح له أن يتزوج ابنتها؟ فقال : لا يصلح له وقد رأى من أمها ما رأى».
ورواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام ، وهي مثل رواية أبي الربيع المذكورة.
ثم أجاب عنها بما ذكره الشيخ في كتابي الأخبار من حمل النهي فيها على الكراهة جمعا ، أقول : ولا يبعد الحمل على التقية أيضا. وبالجملة فإن الآية الشريفة أعني قوله عزوجل (٢) «فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ» الصريحة في قصر تحريم البنت على المدخول بالأم ، والمس والنظر ونحوهما لا يسمى دخولا ، وكذلك الأخبار الكثيرة المتقدمة الصريحة في عدم تحريم البنت إلا مع الدخول بالأم.
وخصوص صحيحة العيص بن القاسم ـ (٣) قال : «سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل باشر امرأة وقبل ، غير أنه لم يفض إليها ثم تزوج ابنتها؟ قال : إذا لم يكن أفضى إلى الأم فلا بأس ، وإن كان أفضى إليها فلا يتزوج ابنتها». ـ صريح في عدم التحريم إلا مع الدخول ، مع تأيد هذه الأدلة بأصالة الإباحة.
على أن في الاستدلال بهذه الأخبار خروجا عن محل البحث ، فإن مورد هذه الأخبار إنما هو الزوجة ، ومحل البحث الأمة ، ومن ذلك يظهر ضعف القول المذكور ، وأنه بمحل من القصور لعدم الدليل عليه ، وحينئذ فيجب قصر التحريم على الأب والابن كما تقدم ، والله العالم.
الثاني : قد نقل جملة من الأصحاب عن المحقق الشيخ فخر الدين في شرح
__________________
(١) التهذيب ج ٧ ص ٢٨٠ ح ٢٤ وفيه «أيصلح» ، الوسائل ج ١٤ ص ٣٥٣ ح ٢.
(٢) سورة النساء ـ آية ٢٣.
(٣) الكافي ج ٥ ص ٤١٥ ح ٢ ، الوسائل ج ١٤ ص ٣٢٢ ح ٢.