وكونه للتقية غير جيد ، لأنها مسألة اجتهادية.
والمخالفون مختلفون فيها ، فمنهم من جوز له النظر وجعله محرما ، ومنهم من منعه مطلقا ، ومنهم من فصل فحرم نظره ، إلا أن يكبر ويهرم وتذهب شهوته ـ إلى أن قال ـ : وحينئذ فحمل هذا على التقية غير واضح ، ولا ينبغي التعلق بها ، إلا في المسائل التي اتفق عليها من خالفهم ، وإلا فلهم أسوة بمن وافق ، فينبغي التفطن لذلك في نظائر هذه المسألة ، فإنها كثيرة ، تراهم يحملون الحكم فيها على التقية مع اختلاف المخالفين فيها ، ومثل هذا لا يجوز العدول عن مدلول اللفظ بمجرد الاحتمال البعيد ، انتهى.
أقول : لا يخفى أن تخصيص الحمل على التقية باتفاق العامة على الحكم خلاف ما دلت عليه مقبولة عمر بن حنظلة (١) لقول السائل فيها بعد أمره عليهالسلام بعرض الخبرين على مذهبهم : فإن وافقهما الخبران جميعا؟ قال : «ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر». ولا ريب أن الخبرين هنا موافقان لهما ، فإن لكل منهما قائلا منهم ، وحينئذ فينبغي بمقتضى القاعدة المذكورة النظر إلى ما كان قضاتهم وسلاطينهم إليه أميل.
ومقتضى كلام الشيخ الآتي إن شاء الله في المقام الثاني ، أن القول بالجواز مذهب سلاطين الوقت ، وبموجب ذلك يترجح الحمل على التقية ، هذا.
ولا يخفى عليك أن المفهوم ، من كلام الأصحاب القائلين بالجواز ، هو جواز النظر مطلقا من غير تقييد بعضو مخصوص ، وظاهره جواز النظر إلى ما يجوز للمحارم نظره ، وهو ما عدا العورة.
والأخبار الدالة على الجواز لا دلالة فيها على أزيد من النظر إلى الشعر والساق ، مقيدا النظر إلى الشعور في بعضها بكونه مأمونا وفي آخر بعدم التعمد.
__________________
(١) الكافي ج ٧ ص ٤١٢ ح ٥ ، التهذيب ج ٦ ص ٣٠١ ح ٥٢ ، الوسائل ج ١٨ ص ٧٥ ح ١.