.........................................
____________________________________
أحاديثها (١).
وكما يتّضح ذلك من خطبة الإمام الحسين عليه السلام عند المسير إلى كربلاء المتقدّسة جاء فيها : «وخيّر لي مصرع أنا لاقيه» (٢).
فإذا أذن الله تعالى في الشهادة لم تحرم ، حتّى يكون إقدامهم عليها إقداماً على الحرام.
ثانياً : أنّ التكاليف منوطة بالعلم العادي البَشَري الظاهري ، لا بعلم الغيب حتّى يكون وجود العلم الغيبي بالشهادة موجباً لتكليف حرمة الإقدام عليها.
فليس الأئمّة عليهم السلام مكلّفون بترتيب الآثار على علم الغيب حتّى لا يصحّ إقدامهم على الشهادة التي أذن الله لهم فيها.
فلا محذور في إقدامهم على الشهادة المعلومة غيباً ، المأذون فيها شرعاً ، كعدم المحذور لمن عَلِم وجداناً بوصوله قطعاًَ إلى درجة الشادة ، عند الجهاد بإذن المعصوم عليه السلام ، وأقدم عليها تحصيلاً لكرامتها ، فهل في ذلك بأس؟!
ثمّ إنّه لا يقال : إنّ علم الغيب غير مختصّ بهم حتّى يكون فضيلة لهم لأنّه يمكن معرفة المرتاضين للغيب أيضاً.
فإنّه يجاب : بأنّ ذلك إن صحّ كونه غيباً فهو غيب شيطاني تدليسي ، يقع فيه التخلّف كثيراً ، ولا يكون في نفسه جامعاً ولا في جميعه صادقاً.
بخلاف غيبهم عليهم السلام الذي هو غيب رحماني مأخوذ من الله تعالى كما ترى في نسبته إليه في قوله : «وارتضاكم لغيبه» ولم يقل للغيب.
والغيب الرحماني علم يقيني صادق ، جامع لكلّ الأشياء ، ليس فيه خلف أو تخلّف مأخوذ من مصدر وحي الرحمن لا إيحاء الشيطان ، وكم بينهما من فرق.
__________________
(١) الكافي : ج ١ ص ٢٥٩ ح ٤ و ٥ و ٨ ، وص ٢٦١ ح ٤.
(٢) إبصار العين : ص ٦ ، كشف الغمّة : ج ٢ ص ٢٠١.