وَحَفَظَةِ سِرِّ اللهِ (١)
____________________________________
(١) ـ حفظة : جمع حافظ ، يقال : حَفَظَ المال والسرّ أي رعاه ، والمحافظة على الشيء هي المواظبة عليه ، والمراقبة له ، والإعتناء به كما يستفاد من كتب اللغة (١).
والسِرّ : جمعه أسرار ، هو في اللغة بمعنى ما يُكتم ، ومنه (هذا من سرّ آل محمّد) أي من مكتومهم عليهم السلام الذي لا يظهر لكلّ أحد (٢).
وأسرار الله تعالى هي العلوم التي لا يجوز إظهارها وإفشاؤها إلاّ لمن هو أهلٌ لها من الكمّلين والمتحمّلين مثل سلمان وكميل (٣).
فمعنى حفظة سرّ الله أنّ أهل البيت عليهم السلام هم الحافظون المراعون للأسرار الإلهية المودعة عندهم ، اللازم كتمانها ، ولا يظهرونها إلاّ لمن يتحمّلها ، ولا يظهرون منها إلاّ ما يُتحمّل ، فإنّ إلقاء السرّ إلى من لا يتحمّله تضييع للسرّ ، وإرهاق للمُلقى إليه ، وهو خلاف الحكمة.
وليس كلّ أحد قابلاً لأن يُستودع السرّ ، فكيف بأن يكون صاحب أسرار الله الحكيم في هذا العالم العظيم ، المُلك والملكوت.
فإنّ الأسرار الإلهية لا يتحمّلها إلاّ مَلَكٌ مُقرّب أو نبيٌّ مرسل أو عبدٌ إمتحن الله قلبه للإيمان كما جاء في أحاديث كثيرة (٤).
وقد فسّرت الأحاديث الصعبة المستصعبة في إحدى تفاسيرها بأسرار الله المخزونة عندهم ، المكنونة لديهم (٥).
بل في بعض الأحاديث لا يتحمّلها لا مَلَك مقرّب ولا نبي مرسل ولا مؤمن
__________________
(١) لسان العرب : ج ٧ ص ٤٤١.
(٢) مجمع البحرين : مادّة سرر ص ٢٦٦.
(٣) الأنوار اللامعة : ص ٧٨.
(٤) الكافي : ج ١ ص ٤٠١ ح ٢.
(٥) مصابيح الأنوار : ج ١ ص ٣٤٤.