وَوَكَّدْتُمْ ميثاقَهُ (١)
____________________________________
(١) ـ وكّدتم : من التوكيد بمعنى التأكيد وهي التقوية ، والتوكيد افصح من التأكيد.
والميثاق : هو العهد الموثّق ، مفعالٌ من الوثاق ، وهو في الأصل : الحبل الذي يُقيّد ويُشدّ به ، سمّي به العهد لوثاقته واستحكامه.
وأهل البيت عليهم السلام ممّن اتّصفوا بتقوية عهد الله تعالى ، والتزموا بالوفاء بميثاق الله ، إذ هم أطوع الخلق لله تعالى فكانوا أوفى بميثاقه.
والميثاق هذا فُسّر بمعنيين :
١ / الميثاق الذي أخذه الله تعالى من النبيّين بالدعوة إلى التوحيد ، وتبليغ الرسالة وإعلاء الكلمة ، وهو ما قال الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا) (١) ـ (٢).
وأهل البيت عليهم السلام كانوا في أعلى درجات تأكيد هذا الميثاق ، كما يشهد له جهودهم وجهادهم إلى أن وقعت شهادتهم.
٢ / الميثاق الذي أخذه الله تعالى من بني آدم في عالم الذرّ ، المشار إليه بقوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ) (٣) ـ (٤).
وأهل البيت عليهم السلام أسبق الخلق وأوفاهم بهذا الميثاق.
وقد تقدّم حديث الإمام الصادق عليه السلام : «لمّا أراد الله أن يخلق الخلق نثرهم بين
__________________
(١) سورة الأحزاب : الآية ٧.
(٢) البرهان : ج ١ ص ٣٧٤ ، وج ٢ ص ٨٣٣.
(٣) سورة الأعراف : الآية ١٧٢.
(٤) البرهان : ج ١ ص ٣٧٥ ، بحار الأنوار : ج ٥ ص ٢٢٥ ، وج ٦٠ ص ١٣١.