وَاَحْكَمْتُمْ عَقْدَ طاعَتِهِ (١)
____________________________________
(١) ـ أحكمتم من الإحكام بالكسر بمعنى : ضبط الشيء ، وجعله مستحكماً.
والعقد بمعنى المعقود ، وهو أوكد العهود ، وفيه معنى الإستيثاق والشدّ ، مأخوذ من عقد الشيء بغيره : أي وصله به كما يعقد الحبل.
أي أنّ أهل البيت عليهم السلام ضبطوا وأتقنوا وقوّوا ميثاق إطاعة الخلق لله تعالى وعهده الذي أخذه منهم ، بواسطة هدايتهم بالمواعظ الشافية والنصائح الوافية ، وإرشادهم بتحبيب الطاعة لهم ، وتحذيرهم عن وقوع المعصية منهم ، وبترغيبهم إلى الثواب وتجنيبهم عن العقاب.
فكان من تبعهم واهتدى بهداهم مطيعاً لله ، منقاداً لحضرته خاضعاً لجنابه كما هو الملحوظ في الخيرة من أصحابهم الكرام وشيعتهم العظام ، الذين ربّوهم على طاعة الله ، وهذّبوهم على عبادة الله ، وزيّنوهم بترك معصية الله.
وللنموذج من ذلك راجع أحوال كبار أصحابهم وما أكثرهم وأطوعهم من أمثال محمّد بن أبي عمير الأزدي رضوان الله تعالى عليه.
ففي رجال الكشّي : وجدت في كتاب أبي عبد الله الشاذاني بخطّه : سمعت أبا محمّد الفضل بن شاذان يقول : دخلت العراق فرأيت واحداً يعاتب صاحبه ويقول له : أنت رجل عليك عيال ، وتحتاج أن تكتب عليهم ، وما آمن أن يذهب عيناك لطول سجودك ، فلمّا أكثر عليه قال : أكثرتَ علىّ ، ويحك لو ذهبت عين أحد من السجود لذهبت عين ابن أبي عمير ، ما ظنّك برجل سجد سجدة الشكر بعد صلاة الفجر فما يرع رأسه إلاّ زوال الشمس.
وسمعته يقول : أخذ يوماً شيخي بيدي ، وذهب بي إلى ابن أبي عمير فصعدنا في غرفة وحوله مشايخ له يعظّمونه ويبجّلونه ، فقلت لأبي : مَن هذا؟