وَسَلَّمْتُمْ لَهُ الْقَضاءَ (١)
____________________________________
(١) ـ أي أنّكم أهل البيت حيث صرتم إلى رضا الله تعالى في جميع أعمالكم سلّمتم له القضاء في جميع اُموركم ؛ فكنتم تسليماً لجميع ما قدّره الله لكم حتّى الشهادة التي كتبت عليكم كرامةً لشأنكم ، وتعليةً لدرجتكم ، وترفيعاً لمنزلتكم.
والتسليم هو : عدم الإعتراض بل الإنقياد ظاهراً وباطناً ، كما يستفاد من تفسيره الوارد عند قوله تعالى : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (١).
كما تلاحظه في كتب التفسير (٢).
والتسليم لله تعالى من أبرز الصفات الحسنة ، والملكات المستحسنة ، ففي الحديث السجّادي الشريف : «إنّ المراتب الرفيعة لا تُنال إلاّ بالتسليم لله عزّ وجلّ» (٣).
ولقد بلغ أهل البيت عليهم السلام القمّة في هذا المقام ، فسلّموا أمرهم كاملاً إلى الله ربّهم واطمأنّوا بما قدّره الله وقضاه عليهم في قيامهم وقعودهم.
ففي حديث ضريس الكنّاسي عن الإمام الباقر عليه السلام جاء فيه : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول ـ وعنده اُناس من أصحابه ـ : «عجبت من قوم يتولّونا ويجعلونا أئمّة ويصفون أنّ طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثمّ يكسرون حجّتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم ، فينقصونا حقّنا ويعيبون ذلك على من أعطاه الله برهان حقّ معرفتنا والتسليم لأمرنا.
أترون أنّ الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده ، ثمّ يُخفي عنهم
__________________
(١) سورة النساء : الآية ٦٥.
(٢) كنز الدقائق : ج ٣ ص ٤٥٧ ، تفسير البرهان : ج ١ ص ٢٤٠.
(٣) سفينة البحار : ج ٤ ص ٢٣٦.