فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) فرقا ، ينقطع بعضه من بعض ، (فَأَنْجَيْناكُمْ) هناك وأغرقنا آل فرعون وقومه (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) إليهم وهم يغرقون.
وذلك أن موسى عليهالسلام لما انتهى إلى البحر ، أوحى الله عزوجل إليه : قل لبني إسرائيل : جدّدوا توحيدي ، وأقرّوا بقلوبكم ذكر محمّد سيّد عبيدي وإمائي ، وأعيدوا على أنفسكم الولاية لعليّ أخي محمد وآله الطيّبين ، وقولوا : اللهمّ بجاههم جوّزنا على متن هذا الماء ، فإن الماء يتحوّل لكم أرضا. فقال لهم موسى عليهالسلام ذلك ، فقالوا : أتورد علينا ما نكره ، وهل فررنا من آل فرعون إلّا من خوف الموت؟! وأنت تقتحم بنا هذا الماء الغمر بهذه الكلمات ، وما يدرينا ما يحدث من هذه علينا؟!
فقال لموسى عليهالسلام كالب بن يوحنا ـ وهو على دابّة له ، وكان ذلك الخليج أربعة فراسخ ـ : يا نبيّ الله ، أمرك الله بهذا أن نقوله وندخل الماء؟ قال : نعم. قال : وأنت تأمرني به؟ قال : نعم.
فوقف وجدّد على نفسه من توحيد الله ونبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وولاية علي عليهالسلام والطيّبين من آلهما ما أمره به ، ثمّ قال : اللهمّ بجاههم جوّزني على متن هذا الماء ، ثم أقحم فرسه ، فركض على متن الماء ، فإذا الماء تحته كأرض ليّنة حتى بلغ آخر الخليج ، ثمّ عاد راكضا.
ثم قال لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل ، أطيعوا موسى فما هذا الدعاء إلّا مفاتيح أبواب الجنان ، ومغاليق أبواب النيران ، ومستنزل الأرزاق ، وجالب على عباد الله وإمائه رضا المهيمن الخلّاق ، فأبوا ، وقالوا : نحن لا نسير إلا على الأرض.
فأوحى الله تعالى إلى موسى : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ)(١) وقل : اللهم
__________________
(١) الشعراء : ٦٣.