المذكورين في قوله : (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ)(١) فقال : (أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ) فأخذ عهودكم ومواثيقكم بما لا تحبّون : من بذل الطاعة لأوليائه الله الأفضلين وعباده المنتجبين محمد وآله الطيّبين الطاهرين ، لما قالوا لكم ، كما أدّاه إليكم أسلافكم الذين قيل لهم : إنّ ولاية محمّد وآل محمّد هي الغرض الأقصى والمراد الأفضل ، ما خلق الله أحدا من خلقه ولا بعث أحدا من رسله إلّا ليدعوهم إلى ولاية محمّد وعليّ وخلفائه عليهمالسلام ويأخذ بها عليهم العهد ليقيموا عليه ، وليعمل به سائر عوامّ الأمم ، فلهذا (اسْتَكْبَرْتُمْ) كما استكبر أوائلكم حتّى قتلوا زكريّا ويحيى ، واستكبرتم أنتم حتّى رمتم قتل محمّد وعليّ عليهالسلام ، فخيّب الله تعالى سعيكم ، وردّ في نحوركم كيدكم.
وأمّا قوله عزوجل : (تَقْتُلُونَ) فمعناه : قتلتم ، كما تقول لمن توبّخه : ويلك كم تكذب وكم تخرّق (٢) ، ولا تريد ما لم يفعله بعد ، وإنّما تريد : كم فعلت وأنت عليه موطّن (٣)(٤).
وقال أبو جعفر : «ذلك مثل موسى والرّسل من بعده وعيسى (صلوات الله عليهم) ، ضرب مثلا لأمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال الله لهم : فإن جاءكم محمّد بما لا تهوى أنفسكم بموالاة عليّ استكبرتم ، ففريقا من آل محمّد كذّبتم ، وفريقا تقتلون ، فذلك تفسيرها في الباطن» (٥).
__________________
(١) البقرة ٢ : ٧٤.
(٢) التخرّق : لغة في التخلّق من الكذب. «الصحاح ـ خرق ـ ٤ : ١٤٦٧» ، وفي طبعه : تمخرق.
(٣) وطّن نفسه على الشيء : حملها عليه ومهّد لها. والمعنى وأنت على الكذب مستمر وثابت.
(٤) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ٣٧١ / ٢٦٠ و : ٣٧٩ / ٢٦٤.
(٥) تفسير العيّاشي : ١ : ٤٩ / ٦٨.