وأوفر الناس كان حظّا من هذا السحر سليمان بن داود ، الذي ملك بسحره الدنيا كلّها من الجنّ والإنس والشياطين ، ونحن إذا تعلّمنا بعض ما كان تعلّمه سليمان بن داود ، تمكّنا من إظهار مثل ما يظهره محمّد وعليّ ، وادّعينا لأنفسنا بما يجعله محمّد لعليّ ، وقد استغنينا عن الانقياد لعليّ.
فحينئذ ذمّ الله تعالى الجميع من اليهود والنواصب ، فقال الله عزوجل : (نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ) الآمر بولاية محمد وعليّ (نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ) الأمر بولاية محمّد وعليّ (وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ)(١) فلم يعملوا به (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا) كفرة (الشَّياطِينُ) من السحر والنّيرنجات (عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) الذين يزعمون أن سليمان به ملك ، ونحن أيضا به نظهر العجائب حتى ينقاد لنا النّاس ، ونستغني عن الانقياد لعليّ.
قالوا : وكان سليمان كافرا ساحرا ماهرا ، بسحره ملك ما ملك ، وقدر على ما قدر ، فردّ الله تعالى عليهم ، وقال : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) ولا استعمل السحر ، كما قال هؤلاء الكافرون (وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) أي بتعليمهم الناس السحر الذي نسبوه إلى سليمان كفروا.
ثمّ قال عزوجل : (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ) قال : كفر الشياطين بتعليمهم النّاس السحر ، وبتعليمهم إيّاهم بما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ، اسم الملكين.
قال الصّادق عليهالسلام : وكان بعد نوح عليهالسلام قد كثر السحرة والمموّهون ، فبعث الله تعالى ملكين إلى نبيّ ذلك الزمان بذكر ما يسجر به السحرة ، وذكر
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ : ١٠١.