ثمّ قال : «أو لست تعلم أن الله تعالى لم يخل الدنيا قطّ من نبيّ أو إمام من البشر؟ أو ليس الله تعالى يقول : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) يعني إلى الخلق (إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى)(١) فأخبر الله أنّه لم يبعث الملائكة إلى الأرض ليكونوا أئمّة وحكّاما ، وإنّما أرسلوا إلى أنبياء الله».
قالا : قلنا له عليهالسلام : فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا؟
فقال : «لا ، بل كان من الجنّ ، أما تسمعان أن الله تعالى يقول : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ)(٢) فأخبر أنّه كان من الجنّ ، وهو الذي قال الله تعالى : (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ)(٣)».
ثمّ قال الإمام عليهالسلام : «حدّثني أبي ، عن جدّي ، عن الرّضا ، عن آبائه ، عن عليّ عليهمالسلام ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أنّ الله اختارنا معاشر آل محمّد ، واختار النبيّين ، واختار الملائكة المقرّبين ، وما اختارهم إلّا على علم منه بهم أنّهم لا يواقعون ما يخرجون به عن ولايته ، وينقطعون به عن عصمته ، وينضمّون به إلى المستحقين لعذابه ونقمته».
قالا : فقلنا : لقد روي لنا أنّ عليا عليهالسلام لمّا نصّ عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالولاية والإمامة عرض الله في السماوات ولايته على فئام (٤) وفئام وفئام من الملائكة ، فأبوها فمسخهم الله تعالى ضفادع.
فقال : «معاذ الله ، هؤلاء المكذّبون علينا ، الملائكة هم رسل الله ، فهم كسائر أنبياء الله إلى الخلق ، أفيكون منهم الكفر بالله؟» قلنا : لا. قال :
__________________
(١) يوسف ١٢ : ١٠٩.
(٢) الكهف ١٨ : ٥٠.
(٣) الحجر ١٥ : ٢٧.
(٤) الفئام : الجماعة الكثيرة ، «مجمع البحرين ـ فأم ـ ٦ : ١٣٠».