أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً)(١).
وقال موسى بن جعفر عليهماالسلام : وكانت هذه اللّفظة (راعِنا) من ألفاظ المسلمين الذين يخاطبون بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يقولون : راعنا ، أي ارع أحوالنا ، واسمع منّا كما نسمع منك ، وكان في لغة اليهود معناها : اسمع ، لا سمعت.
فلمّا سمع اليهود المسلمين يخاطبون بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقولون : راعنا ، ويخاطبون بها ، قالوا : كنّا نشتم محمدا إلى الآن سرّا ، فتعالوا الآن نشتمه جهرا ، وكانوا يخاطبون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويقولون : راعنا ، يريدون شتمه.
ففطن لهم سعد بن معاذ الأنصاري (٢) فقال : يا أعداء الله ، عليكم لعنة الله أراكم تريدون سبّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، توهمونا أنّكم تجرون في مخاطبته مجرانا ، والله ، لا أسمعها من أحد منكم إلّا ضربت عنقه ، ولو لا أنّي أكره أن أقدم عليكم قبل التقدّم والاستئذان له ولأخيه ووصيّه علي بن أبي طالب عليهالسلام ، القيّم بأمور الأمّة نائبا عنه فيها ، لضربت عنق من قد سمعته منكم يقول هذا.
فأنزل الله : يا محمّد (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً)(٣).
__________________
(١) الأنعام ٦ : ١٥٨.
(٢) سعد بن معاذ النعمان بن امرىء القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج. أسلم بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية على يدي مصعب بن عمير ، وشهد بدرا وأحدا والخندق ، ورمي يوم الخندق بسهم فعاش بعد ذلك شهرا ثمّ مات على أثر الجرح ، والذي رماه بالسهم حبان بن العرقة ، وقال : خذها وأنا ابن العرقة. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «عرق الله وجهه في النار». تهذيب الكمال ١٠ : ٣٠٠ ، سير أعلام النبلاء ١ : ٢٧٩.
(٣) النساء ٤ : ٤٦.